على الرغم من عدم اهتمامنا بها، أو حتى الرغبة في دراستها كانت مقرراً إلزامياً، ففي أحاديثنا في الزوايا أو بعد الدوام (لم يكن هناك موبايلات أو تشات) كنا نتعجب من وضع مادة التاريخ في المنهج الدراسي، لن نتخصص بالتاريخ ولن تفيدنا هذه الأسماء الغريبة والتواريخ الصعبة والمواقع العجيبة شيئاً، فالمدرسون سواء الذي يقلب القاف ألفاً أو كافاً كانوا أكثر تشددا من حيث التواريخ، فأي خطأ ولو بسنة واحدة كانت تهوي بنا إلى "الحفة" أو السقوط.
دارت الأيام وتخلصنا من مادة التاريخ بصعوبة وفارقنا المدرسين ورمينا الكتب من "دريشة" الباص، والتاريخ مكانه والوقائع ثابتة تقول هل من مستفيد؟يحكي لنا التاريخ نهاية دولة عظيمة حكمت وسادت، ثم بعدها بادت، ولكن بسرعة لم تكن متوقعة، فأهل هذه الدولة وفدوا إليها من أماكن عدة وثقافات متنافرة وأقاليم متمايزة، فحكموا البلاد بأن اختاروا ممثليهم منهم، لديهم هذا السائل العجيب الذي كان له مفعول السحر في بناء حضارتهم وتنمية بلدهم.في بداية استقلالهم بالحكم نهضت الدولة بشكل أثار إعجاب الممالك القريبة، بناء متطور وشوارع فسيحة وخدمات متكاملة ورعاية اجتماعية للجميع، وكان البناء مرافقا للفن، وتعلوه الهيبة، حتى صارت هذه الدولة "درة".وكأي دولة في التاريخ يخرج الأتباع والمستشارون وأصحاب المصالح السياسيون ليلتفوا حول السلطة الضعيفة، ومن غير الكثير من الجهد يجدون أنفسهم يسيطرون على مقاليد الإدارة، إذ يخصهم السلطان بالعطايا ويقوم بتقريب أقربائهم حتى تزيد حلقات الضغط حوله فتعزله عن الدولة، فلا يرى ولا يسمع نبض الشعب إلا عن طريقهم وبالشكل الذي يرتؤونه؛ أطياف شتى بأجندات مختلفة أصبح الحاكم أمامهم لا يقوى على مواجهة هذ القوة التي تبدو له جبهة واحدة.المهم... تعرضت الدولة لخطر "الأعاجم" واقتربت كتائب الغزاة من الدولة، وفي صحوة متأخرة جداً خشي الحاكم على دولته، فاستنجد بأقرب الناس إليه، فطلب عونهم، وتفاجأ... نعم، وضعوا شروطهم، طلبوا زيادة مخصصاتهم.كالسابق، كان المال هو الأولوية رقم واحد، والميزانية لا تسمح، إذن، "اسمح لنا، لا نستطيع"، فأصبح يرى الانهيار على أيدي الغزاة، والدمار بدأ من الداخل قبل الخارج، وأتباع الأمس مفاوضو اليوم ينأون عنه، فوجدوا طريقا آخر: التعاون مع الغريب وتسهيل سقوط القاهرة... وهكذا علق العثمانيون السلطان طوبان باي على باب زويلة.wathnan@ Twitter
مقالات
حصة في التاريخ
24-09-2011