أول العمود: هناك محصلتان لمحاكمة مبارك؛ الأولى، تحققت عبر أسبقية مصر كدولة عربية في محاكمة رئيس دولة حضورياً، وهي كاملة السيادة، والثانية، مؤجلة حتى تتم المحاكمة حسب معايير المحاكمات العادلة.

Ad

***

أتساءل عندما أرى انتشار استخدام شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة بشكل لافت بين قطاعات اجتماعية واسعة، خصوصاً فئة الشباب من الجنسين: هل تحولنا إلى كائنات أخرى تحمل مشاعر وعواطف من نوع مغاير عبر صور فوتوغرافية حقيقية ومستعارة؟ وكيف تفسر عقولنا هذا النمط من التواصل خصوصاً مع من لا نعرفهم إلا من خلال الصورة... إن كانت حقيقية؟

دوائر الصحة النفسية والاجتماعية العالمية بدأت تدخل على خط المواجهة في التحذير من خطر ما يسمى بالإدمان المفرط على الجلوس أمام شاشات الكمبيوتر في أماكن مغلقة أو مفتوحة، وبدأت تتحدث عن "أمراض" الفيس بوك وتويتر ويوتيوب وغيرها الكثير من الوسائل التي بدأت تخلق إنساناً شبه صامت يعتقد أنه يعرف كل شيء في العالم، ولا يحتاج إلى مقابلة أحد في مقهى أو منزل أو حتى الخروج مع رفاق في نزهة، حتى ضربت هذه الظاهرة العلاقات الاجتماعية في البيوت لتشمل كلاً من الأبناء والأزواج والطلبة.

في الكويت، وبسبب الوفرة المالية وتسييس قطاعات واسعة من الناس والطابع الانفتاحي للمجتمع، يؤكد تقرير لموقع "إحصاءات الإنترنت

العالمية"، نشر في يونيو الماضي، أن عدد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعية في الكويت (فيس بوك تحديداً) وصل إلى 795 ألف شخص أو يزيدون، بينما يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت مليوناً و150 ألف شخص، وذلك حتى نهاية 2010.

دراسة أخرى نشرتها شركة "اكسبر للاستشارات وإدارة الأعمال" عن الموضوع ذاته في يوليو الماضي تقول إن التاجر يستطيع أن يصل إلى 40 في المئة من فئة الشباب عبر حساباتهم في تلك الشبكات، وان نسبة الإناث تفوق الذكور في استخدام "الفيس بوك" لمن تقل أعمارهم عن 30 سنة (ذكور 59 في المئة- إناث 96 في المئة).

أمام هذه الأرقام المهولة في مجتمع صغير صارت الحاجة إلى تطبيق دراسات ميدانية حول تأثير هذه الظاهرة الإلكترونية الاجتماعية- إن صح التعبير- ضرورية من زوايا عدة: سياسية واجتماعية واقتصادية، ومن منظور يأخذ في الاعتبار كون المجتمع استهلاكياً وغير منتج، ولا يشجع على القراءة والبحث العلمي، وينشد الترفيه بنسبة أكبر من أي وظائف أخرى من وراء الانخراط في مثل هذه الشبكات، كما أنه من المهم تفحص الجانب العاطفي الذي تنشده فئة الشباب من الجنسين في التواصل الإلكتروني، والذي لا يستطيعون تحقيقه في الحياة الواقعية ومعرفة أسبابه، إلى جانب دراسة الأعراض الذهنية لظاهرة الإدمان على هذه الشبكات لكونها "موضة" تجتاح العالم بأسره، واعتبار أن ينشغل مجموعة من الأصدقاء أو الأقارب بأجهزتهم النقالة المتطورة دون أن ينظر أحدهم إلى الآخر على أنه سلوك طبيعي وغير مستهجن.

أظن أن الإحصاءات الكويتية، وطبيعة السلوك الإدماني للتواصل عبر هذه الشبكات بحاجة إلى تصد علمي أكاديمي لكشف مزيد من المفاجآت.