الأغلبية الصامتة: تشريبة
![إبراهيم المليفي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1612377050504273100/1612377064000/1280x960.jpg)
رمضاننا الجديد يبدأ قبل موعده بشهر كامل، عندما تشتعل منافسات قنوات «الزين عندنا والشين حوالينا»، وكل واحدة منها تدعونا إلى ملازمتها معها حصريا بشتى المغريات، ولأجل إرضاء جميع الأذواق، تعبَّأ قائمة البرامج كل ساعات اليوم مع الإعادة: برنامج طبخ وبرنامج رقص ومسابقات ومواعظ ومسلسلات تاريخية وأخرى «خشابية وغادية وشحرورية» وهم «ما يتلم» المهم ألا تذهب إلى قناة أخرى.لقد تحول الوضع إلى جنون الريموت كنترول، وحشد لأعمال لا تبث سوى في رمضان، وهنا بودي أن أسال: هل توجد لدى المسيحيين خلال أيام صيامهم مسلسلات أو برامج مثلنا؟هذا الجنون الفني مع تحفظي على التسمية خلق منافسة أتت على حساب المضمون، وهو ما أفرز لنا ظاهرة المنتج الرخيص والمخرج طباخ البيض المسلوق، والمؤلف الخياط الذي «يكركب» المسلسل على مقاس جسد النجمة الصاعدة وبقية نجوم المرحلة، وبالطبع لا بد أن يكون عدد الحلقات ثلاثين مع أحداث تكفي لتسعين حلقة، وإذا «ضرب» العمل ولم «ينضرب» تجهز فورا خلطة الجزء الثاني و»رقع يا مرقع». هذه المأساة الدرامية التي تستجدي الإعلان التجاري لا تكتمل دون الاتكال على الإثارة الرخيصة، وتصوير بعض اللقطات المقصودة لعمل ضجة تسبق موعد العرض؛ حتى لو كانت خارج سياق أحداث المسلسل، وحتى عناوين بعض تلك الأعمال تم تأليفها بما يغذي خيال المتلقي بكل ما هو مثير.ولو نذكر فإنه على الرغم من «شطانة الدكتور سلطان» في «خالتي قماشة» وهوس نوح بالشقراوات في «درس خصوصي» فإن مؤلفي المسلسلين لم يلجلآ إلى أسماء رخيصة لجذب المشاهدين، ومن يقول إن ذلك الزمن هو زمن القناة الواحدة أقول لهم ليتكم تصنعون أعمالا بمثل تلك الجودة.في الختام هذا هو رمضاننا الذي صنعناه بأيدينا، خرجت منه الروح بعد أن خرجت منا، ولم يبق منه إلا الاسم، وحتى فرحة الأطفال بـ»القرقيعان» سلبناها منهم بسخافتنا وحبنا للمظاهر، فبعد أن كانت قمة المتعة بجمع أكبر كمية من الحلويات البسيطة تحول القرقيعان إلى مظهر من مظاهر «الفشخرة» وأزمة مالية جديدة تضاف إلى من انساقوا خلف تلك الموضة الفارغة.الفقرة الأخيرة: أطلق مغردو «تويتر» حملة إنسانية بعنوان «أطعموهم» لإغاثة منكوبي مجاعة الصومال، أتشرف بدعمها والمشاركة فيها.