الفساد هو "وعد الموظف العام بميزة غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر سواء لمصلحة الموظف أو لمصلحة شخص أو كيان آخر لكي يقوم الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية". والفساد أيضا: "اكتساب الثروة بطرق غير مشروعة". من موقع الأمم المتحدة.

Ad

وفي ذلك السياق أذكر أنني قرأت في صحيفة "الحياة" السعودية خلال وجودي في مدينة الرياض قبل عدة أيام عن التعديلات التي صدرت على قواعد غسل الأموال، وتمويل الإرهاب في المملكة العربية السعودية, وأبرزها تقديم بيانات عن الشخص أو توضيح مصدر أمواله وأصوله الأخرى وعدم انسجام المعلومات مع استراتيجيات الاستثمار المعروفة, وتحمل التعديلات أيضا بند ظهور علامات البذخ والرفاهية المفاجئ بشكل لا يتناسب مع وضع الشخص الاقتصادي.

التقرير تضمن نقطة مهمة، وهي الاحتفاظ بحسابات بنكية تحت أسماء مختلقة، والتعديلات أيضا تناولت حسابات السياسيين العالية المخاطر بحكم مناصبهم، وعرّفتهم بأنهم فقط من هم في مناصب عسكرية أو بأي شركة تابعة للدولة!! رغم وجود مجالس شورى ومناصب قيادية في الدولة. أما في الكويت فبعد كارثة الإيداعات المليونية التي أودعت لدى البنوك المحلية والخارجية معا في حسابات أعضاء البرلمان- وبالمناسبة لا أثق بالقائمة المعلنة إلا بعد صدور تقرير من النيابة العامة- أصبح الفساد حديثا في كل جلسة نقاشية ووسيلة إعلام، مما ساهم بإلحاق الضرر بالمؤسسة التشريعية، وثانيا بانقسام في وجهات النظر.

فبينما يعتقد البعض أن "المتهمين" بالرشوة يجب إقصاؤهم من الحياة السياسية، يعتقد البعض الآخر أن الإجراءات القانونية أي محاكمتهم ستكون عنوانا للمرحلة القادمة, وحافزا لعودة القوانين والاقتراحات التي تم طرحها في السابق، ولم يتم تنفيذها وإخراجها إلى الواجهة التشريعية ومناقشة تصميم مشروع لقياس مدركات الفساد، ومن ثم وضع القوانين للحد منه.

واليوم تعتبر البحوث والمقالات العلمية الفساد جريمة اقتصادية منظمة، وذلك تزامنا مع استمرارية جهود استراتيجيات الحد من الفساد، والتي انطلقت من منظمة الدول الأميركية عام 1996، ومن الاتحاد الأوروبي عام 1997، وحتى اتفاقية الاتحاد الإفريقي عام 2003.

ومن الجدير بالذكر أن أغلب تلك الاتفاقيات التي ترعاها الأمم المتحدة ذات بنود متشابهة؛ كتدابير منع ومكافحة الفساد ودعم التعاون الدولي، وتعزيز النزاهة والإدارة السليمة للشأن العام والممتلكات العامة، بالإضافة إلى التدابير الوقائية، وحسن إدارة الشؤون العامة، وكشف جميع أشكال غسل الأموال، وإن كنت أعتقد شخصيا أنه من الخطأ أن تكون الاتفاقية اختيارية، ومن الخطأ فتح الباب أمام الموقعين للانسحاب منها، لذا فالعبء يقع على وزارتي الشؤون والخارجية معا في تحفيز الحضور الدولي للناشطين والمهتمين في مجال مكافحة الفساد.

فهناك قضايا عديدة تستحق الدراسة والاطلاع على تجارب الدول ذات المراتب العليا في وضع حد للفساد، منها الذمة المالية للموظف العام والقيادي وأعضاء السلطة التشريعية، وإجراء الحماية للمبلّغ عن الفساد، أي الجهة التي تطلق صافرة الإنذار بالإضافة إلى التشريعات الخاصة بالانتخابات والحملات الانتخابية والإعلانات التجارية للمرشحين. ومع اقتراب الانتخابات "افتراضا" تظهر الحاجة إلى آلية واضحة للإفصاح عن أسماء المشاركين ماديا في الحملات الانتخابية، وفي ذلك السياق نذكر الحاجة إلى فهم أسباب ودوافع لجوء الموظف العام أو رجل السياسة إلى استلام "رشوة" قبل انطلاق الحملات الانتخابية القادمة، ومجابهة الارتفاع الجنوني لسقف الإنفاق على الحملات البرلمانية... وللحديث بقية!!

كلمة أخيرة: القوى الشبابية ساهمت في برامج عديدة للإصلاح، أذكر منها الحقوق السياسية للمرأة، وشعار «حق المرأه الآن»، ثم تعديل الدوائر إلى خمس بشعار «نبيها خمس» وأخيرا الاعتراض على الفساد في المؤسسات... لذا فالمطلوب اليوم رؤية واضحة للمرحة الانتخابية القادمة.