وا عيباه!

نشر في 08-12-2011
آخر تحديث 08-12-2011 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي أنحن في حلم أم علم؟ هل ما شاهدناه قبل أيام حقيقة أم خيال؟ اقتحام في جنح الظلام؛ عبث وتدمير في بيت الأمة وبقيادة بعض ممثليها، أنحن من يصدق عليهم قول الله سبحانه وتعالى "يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ"؟ أهذه الديمقراطية؟ أهكذا يكون الدفاع عن المال العام؟ أهذه الطريقة التي نربي بها أجيالنا وشبابنا، هدر لكرامة الكويت الوطن وحكامه وأهله؟ أهكذا يكون الاختلاف بالاحتكام إلى العنف؟ نقولها وقالها المئات بل الآلاف من حكماء الوطن وأهله المخلصين، ليكن ما نشهده في الساحات والمدن العربية دروسا ومواعظ لنا، ألا يكفينا ما نراه من دماء وقتل وتدمير وتهجير؟

لا يشك أحد في ولاء من اقتحموا مجلس الأمة وحبهم للكويت الذي يبقى حبيس أضلعهم، ولكنهم بالتأكيد أخطؤوا "الوسيلة" نحو إصلاح البلاد والعودة بها إلى الصدارة التي فقدناها لسنوات عجاف، أخطؤوا "الوسيلة" في محاربة الفساد الذي تفشى في البلاد، فليس العنف هو الطريق نحو الإصلاح، نقول لمن اقتحم مجلس الأمة تحت جنح الظلام إن خصمكم الآن ليس الرئيس جاسم الخرافي ولا مكتب المجلس وبالتأكيد ليست الحكومة، إن خصمكم هو الشعب الكويتي بأسره وبكل أطيافه ومشاربه، الشعب الذي شعر بالإهانة وهو يرى تلك الصور وهي تبث من خلال المحطات الإخبارية في كل أنحاء العالم بين شامت وحاقد، ومن يشعر بالأسى لما وصلنا إليه.

نقول لبعض أعضاء مجلس الأمة إن شباب الأمة أمانة في أعناقكم فحافظوا عليهم، لا تدفعوا بهم في آتون صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل من أجل تحقيق مصالح البعض، وأمجاد شخصية للبعض الآخر، نقول لبعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي: الوحدة الوطنية أمانة في أعناقكم لا تعملوا على شق الصف وإشاعة الفرقة بين أبناء الوطن، وتفتيت وحدته التي أصبحت في مهب الريح نتيجة لهذا الاحتقان.

كم أعادت لي مناظر الاقتحام صورة لا تغيب عن بالي- مع الفارق- ففي اليوم الأول لبدء حرب تحرير بلدنا الغالي من براثن العدو العراقي الغاشم، وأثناء وجودنا في مقر البعثة الدبلوماسية الكويتية في الجزائر، حيث كنت أشغل منصب سفير بلادي لدى الدولة الشقيقة، فوجئنا بمجموعة من جنسيات عربية تقتحم مقر السفارة حاملين العصي وبعض قضبان الحديد وتعيث به تكسيراً وتدميراً وتخريباً لكل ما تصل إليه أياديهم حتى وصلوا إلى مكتب السفير، حيث كنت موجودا فيه، وقد تمكن الأخ العزيز رياض الخلف الذي كان- ولا يزال- يتولى مسؤولية شؤون الإعلام بالسفارة، وهو من الجنسية السورية من إيجاد غرفة صغيرة خلف المكتب قمنا بالاحتماء بها حتى تمكن رجال الأمن من إخراج المقتحمين من مقر السفارة، إنها ليست مقارنة بين رجالنا وشبابنا وتلك الشرذمة، فشتان بين الثريا والثرى، ولكنه الأسلوب غير المستحب بالاقتحام والتدمير والتخريب.

والشيء بالشيء يذكر، فهذا جزء يسير جداً مما كنا نعانيه نحن وأهلنا وأولادنا أثناء الاحتلال الغاشم، والمزيد منه كان يعانيه سفراؤنا ودبلوماسيونا الذين كانوا في الخط الأول في مواجهة العدو حاملين راية الكويت عندما سقطت مؤسسات الدولة جميعها نتيجة الغدر والخداع، فبقي علم الكويت خفاقاً في كل أنحاء الأرض على مقار البعثات الدبلوماسية التي تولى أعضاؤها مسؤولية الدفاع عنها، بل الهجوم على عدو غاشم متحملين في ذلك مسؤولية كبيرة ألقاها على أكتافهم القدر، فلم يستهينوا ولم يستكينوا، ولعل الوفد الشعبي الذي زار الجزائر وبعض الدول الأخرى برئاسة العم الفاضل أحمد السعدون خير شاهد على ذلك الجهد والمعاناة.

ولا يفوتنا هنا إلا أن نقول لمن تستهويه نسائم الربيع التي تهب على بعض الدول العربية، عليك أن تحمل حقيبة ملابسك بيدك اليمنى وحقيبه حقدك وحسدك بيدك اليسرى وترمي بنفسك في إحدى تلك الساحات، فتنصب خيمتك لتستمتع بالرخاء والأمان والحرية التي حرمت منها في الكويت، كما تعتقد...

أما نحن فنقول حفظ الله الكويت وقيادتها وشعبها من كل مكروه.

back to top