لن أخوض في الأحداث التي جرت يوم الأربعاء الماضي، وإنما ما يهمني هو الإشارة إلى ضرورة عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية نحو إصدار قانون التجمعات العامة، الذي انتهت المحكمة الدستورية في عام 2006 إلى القضاء بعدم دستورية 9 مواد فيه، لعدم دستوريتها ومخالفتها لصريح نصوص الدستور.

Ad

وبرأيي ان وجود هذا القانون اليوم يمثل أهمية كبيرة تستلزم من السلطتين الإسراع نحو إصدار هذا القانون، لتنظيم أمر التجمعات العامة حتى لا تكون مدعاة لمخالفة القانون وتجاوز الحرية التي نص عليها الدستور، وحرص للكل ممارستها دون الخروج عن القانون أو حتى القيام بأعمال تخريبية تحت ذريعة عدم وجود قانون ينظم التجمعات العامة، وبذريعة أن المحكمة الدستورية أبطلت نصوص القانون رغم أن المحكمة الدستورية دعت في حيثيات حكمها وبشكل واضح وصريح السلطتين إلى ضرورة إصدار قانون يراعي المحاذير التي وضعتها في حيثيات حكمها، وهي بالتأكيد لن تكون صعبة على خبراء الحكومة ولا حتى المجلس من وضع اقتراحات أو حتى مشاريع قوانين تراعي تلك المحاذير.

الدستور والقانون وحدهما هما المعول عليهما في كبح جماح أي عمل مخالف للقانون، ولا يمكن التسليم طويلا بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، خاصة إذا نادى المشرع الدستوري وبعده المحكمة الدستورية بضرورة وجود هذا القانون، فالتأخير برأيي في إصدار هذا القانون يعني المزيد من الفوضى والذريعة عدم وجوده، وهو الأمر الذي يبرره سرعة التدخل التشريعي الذي طال انتظاره من بعد حكم الدستورية منذ عام 2006.

اللجوء إلى قوانين الجزاء وحدها، أو حتى التفكير في دعوات تطبيق الأحكام العرفية وحدها، ليس مقبولا، وإنما العمل في فلك نصوص الدستور والمحكمة الدستورية من بعدهما أفضل وسيلة لمواجهة كل مظاهر مخالفة القانون بعيدا عن التشدد غير المبرر، فنصوص القانون العامة المجردة والمرتبطة بكفالة حقوق الأفراد وحرياتهم، التي كفلها الدستور وكفل في ذات الوقت حماية النظام العام خير وسيلة يمكن اتباعها، بعيدا عن روح المنع والغلق والرفض التي كانت تكرسها النصوص المقضي بعدم دستوريتها في عام 2006.

أتمنى أن تترك السلطتان حادثة الأربعاء للقضاء ليتولى شؤونه فيها، وأن تباشرا شؤونهما نحو إصدار قانون ينظم التجمعات العامة ويحفظ للأفراد حريتهم وحقهم في التجمع ويراعي النظام العام ويتجنب المحاذير التي قررتها المحكمة الدستورية في حكمها التاريخي.