لم يتطرق المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السوريين رياض شقفة, في رده على "الجريدة", إلى لغز عودة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل إلى دمشق والإقامة فيها، وركز على تبرئة حزبه من أي اتهامات أثارتها هذه العودة حول احتمال أن تكون هناك صفقة جديدة بوساطة تركية ومعرفة أميركية بين هذه الجماعة ونظام الرئيس بشار الأسد لانسحاب هؤلاء من الثورة السورية والانحياز إلى هذا النظام وتشكيل حكومة "وحدة وطنية"! وفقاً للإصلاحات التي كانت دمشق قد أعلنت عنها بصورة رسمية.

Ad

وعودة إلى هذه المسألة فإنه غير مفهوم, بل مستغرب, أن يعود رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل إلى دمشق ليستقر فيها هو والمكتب الذي يترأسه وكأن شيئاً لم يكن، وكأن الرئيس بشار الأسد لم يقلْ, كما نُقل عنه, أنه اكتشف أن هذه الحركة, حركة المقاومة الإسلامية, هي إخوان مسلمون والمعروف أن الإخوان المسلمين السوريين يقولون ويواصلون القول إنهم طليعة الانتفاضة السورية التي بدأت في الخامس عشر من مارس والتي تحولت إلى ثورة متصاعدة ومتواصلة.

وهذا يعني أن هناك لغزاً "ما" فهل أن حركة "حماس", حتى تقبل دمشق ببقاء خالد مشعل وزملائه فيها, قد خرجت من ثوبها الإسلامي وأصبحت حركة وطنية فلسطينية لا علاقة لها بأي حزب سياسي, بما في ذلك التنظيم العالمي للإخوان المسلمين, وتتخذ موقف الحياد إزاء الصراعات العربية، وحقيقة إن هذا مستبعدٌ وغير متوقع لأسباب كثيرة ومتعددة.

إن هذه قضية، أما القضية الثانية فهي تلك المعادلة المستجدة المعقدة التي يحتاج فهمها إلى طرح ألف سؤال وسؤال، إذْ كيف من الممكن أن يعود خالد مشعل هذه العودة "الميمونة" إلى دمشق وتبقى علاقاته الحميمة مع الدوحة على ما كانت عليه مع أن قطر, كما هو واضح, لم يصدر عنها ما يشير إلى أنها قد تراجع قرارها الصحيح السليم والذي تشكر عليه والذي سيسجل لها في أنصع صفحات التاريخ, بالانحياز إلى الشعب السوري وتبنّي قضيته التي هي قضية محقة وعادلة.

كيف يمكن وضع الشتاء والصيف فوق سطح واحد؟ والسؤال هنا هل خالد مشعل قد باع الدوحة واشترى دمشق وطهران أم أنه خلال إقامته لشهر كامل في تركيا قد اتفق مع مجموعة رجب طيب أردوغان على معادلة سحرية مكنت رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" من أن يكسب دمشق دون أن يخسر الدوحة وأن يدعم النظام السوري الذي يعيش في كنفه دون أن يتخذ موقفاً مناهضاً لكل هذه الاحتجاجات الشعبية السورية التي انتقلت من مرحلة الانتفاضة إلى مرحلة "الثورة" وكل هذا، بينما لا يزال "الإخوان" السوريون يقولون إنهم يشكلون طليعة هذه الثورة؟!

أسئلة كثيرة تطرحها هذه المفارقة رغم توضيحات رياض شقفة وأولها هل هناك صفقة يا ترى ستكشفها الأيام القادمة قد تم إبرامها بإشراف تركي على أساس انسحاب "إخوان سورية" من هذه الثورة المتأججة والالتحاق بحكم بشار الأسد والمشاركة فيه وفقاً للإصلاحات الرسمية التي جرى الحديث عنها والتي قال الرئيس السوري إن بلاده بناءً عليها سوف تُعلَّمُ دول هذه المنطقة الديمقراطية والحريات العامة؟!