سيلفاكير في إسرائيل... لماذا؟!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
هذا في روسيا التي استطاعت استيعاب كل مَن اختارها دولة له من أبناء الجمهوريات التي غدت مستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ومن بينها العديد من الجمهوريات الإسلامية، أما في دولة عمر حسن البشير فإن الأمر مختلف حيث منذ اليوم الأول لإعلان قيام دولة الجنوب المستقلة بدأت عمليات سحب جوازات الجنوبيين وأوراقهم الثبوتية، وبدأ طردهم من وظائفهم، وبالطبع بدون تعويضات، وأخذت شاحنات «الترانسفير» تأخذهم في اتجاه الجنوب وتتركهم على الحدود بين البلدين السودانيين اللذين كانا منذ أشهر قليلة خلت بلداً واحداً ودولة واحدة، تحت رحمة السماء وفوق قسوة الأرض في ظروف بائسة لا تُحتَمل.كان على الجنرال عمر حسن البشير حتى يحل مشكلة النفط مع حكومة الجنوب، التي لا تزال تتكلم العربية والتي يشكل المسلمون نسبة رئيسية من بين سكانها، أن يحتضن الجنوبيين وأن يعاملهم كمواطنين في بلدهم وألا يسمح بالإساءة إليهم، وأن يحافظ على أعراضهم وأملاكهم. لو حصل هذا ولو لم تكن هناك تلك التصرفات «الخسيسة» والمطاردات الهمجية لكانت هناك إمكانية معقولة لحلٍّ لا غُبن فيه لأهل الشمال ولا اعتراض عليه من قبل الجنوب بالنسبة إلى النفط ونقله من منابعه الجنوبية إلى مراكز تصديره على البحر الأحمر.لقد بقي الجنوب بعدما ضمّه البريطانيون إلى الدولة السودانية جزءاً من هذه الدولة، ولكن بحقوق أقل كثيراً من حقوق الشماليين وبمواطنة ناقصة، وهذا ما شكّل ثغرة كي تسعى الدول الطامعة في خيرات هذا البلد وفي نفطه ومياهه إلى بلورة حركة انفصالية قادها جون غرنغ الذي كان ضابطاً كبيراً في الجيش السوداني، ولعل ما لا يعرفه كثيرون أن معمر القذافي الذي نال الجزاء الذي يستحقه على أيدي أبناء الشعب الليبي، قد ساهم في هذه المؤامرة بالمال والسلاح والسياسة نكاية برفيق دربه جعفر النميري، ونكاية بالقادة السودانيين الذين رفضوا ولايته عليهم وعلى بلدهم. ولهذا ولأن أهل الجنوب قد ذاقوا الأمرّين في الفترة التي نصّب حسن الترابي نفسَه فيها أميراً للمؤمنين ورفع راية الفتوحات الإسلامية في هذه المنطقة، وفي دول القارة السوداء المجاورة، وأيضاً في فترة ما بعد انفصال واستقلال جنوبهم، فإنه لا يجوز استغراب أن يقوم سيلفاكير ميارديت بهذه الزيارة التي قام بها إلى إسرائيل، وكان المفترض أن يبادر العرب إلى الانفتاح على هذه الدولة الوليدة «الشقيقة» وأن يقدموا لها ما تحتاج إليه لبناء نفسها، وأيضاً أن يضربوا على يد الجنرال البشير بيد من حديد، ليتوقف عن أعماله وممارساته الاستفزازية للجنوبيين ولدولتهم.