مئوية التعليم في الكويت
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
أرى أنه يمكن التأريخ لحركة التنوير في الكويت بدءاً بافتتاح المدرسة المباركية، التي يصادف بعد غد الخميس الذكرى المئوية لذلك الحدث الكبير. مع الأخذ بعين الاعتبار أنها جاءت بمبادرة شعبية، وبما يظهر دور النخب الفكرية المتنورة في قياد حركة التنوير في أي أمة من الأمم. فلقد كان لحالة التعلم والعلم في الكويت وضع يختلف تماماً عما تمخض عنه التعليم النظامي، في فتح فصول دراسية وانتقال التعليم من دراسة وحفظ القرآن الكريم، إلى دراسة تتواءم ومتطلبات العصر، حيث القراءة والكتابة والحساب، وأضيف إليها لاحقا مواد تعليمية أخرى كاللغة الإنكليزية، كما توجت هذه الجهود بافتتاح مدارس لتعليم البنات، بما أكمل مسيرة العلم، وأنصف الفتاة كونها نصف المجتمع، وشريكة الرجل في تربية الأجيال وفي البناء والتعمير. إن بدء الدراسة في "المباركية" كان بمنزلة البذرة الطيبة التي غرسها جيل من الآباء المتنورين، الذين آمنوا بأهمية العلم في صنع حضارة الأمم، ونذروا أنفسهم لتحقيق مشروع مقدس، وتحملوا في سبيله صعابا كبيرة، كي يثمر أجيالاً من النابهين الذين حملوا لواء العلم، وأكملوا المسيرة، بعد خروجهم في بعثات دراسية إلى العراق ومصر، وعودتهم بشهادات عليا، كانت مشاعل نور تهدي الآخرين إلى تمثلها، وكانت أحد أهم الأسباب التي وفرت للكويت سبقاً ريادياً ثقافياً وفكرياً وفنياً في محيطها الخليجي. إن قصة بناء أول مدرسة نظامية في الكويت، تظهر بوضوح الدور الريادي التنويري المناط بالنخب الفكرية والثقافية والأدبية، بضرورة قدرتها على قراءة الحاضر ببوصلة ثاقبة، والتفكير بمشاريع مستقبلية رائدة تعود بالنفع على الكويت، وتشكل ملمح نور باقٍ على مر الأزمان. * تاريخ التعليم في الكويت، دراسة توثيقية، عن مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2002.