لا يوجد ساحر لحل الأزمة

نشر في 05-12-2011
آخر تحديث 05-12-2011 | 00:01
No Image Caption
 أ.د. غانم النجار شغلتنا أحداثنا المتسارعة عن قضايا كثيرة، كان أهمها ربما صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية المستقلة بالبحرين، والتي لابد أن أعود إليها قريباً، بحكم معرفتي بأغلب أعضائها واطلاعي على ظروف تشكيلها.

اللجنة بدأت عملها في ظروف تكاد تكون مستحيلة، ولكنها في نهاية الأمر ساهمت في إضفاء مشروعية للمعارضة وتبديد شكوك طفت على سطح الحقيقة فشوهتها.

وحسناً فعل ملك البحرين بقبوله التقرير الذي برأ جهات وأدان جهات، ولكن الإدانة الكبرى كانت بحق جهاز الأمن.

أمام البحرين الآن فرصة ذهبية لتضميد الجراح، وبداية ترميم طريق طويل لا يمكن أن يبنى حقاً إلا على أرضية العدالة وتكافؤ الفرص واحترام كرامة الإنسان، ولنا على التقرير ملاحظات، بعضها منهجي وبعضها الآخر موضوعي، سنعود إليها في وقت لاحق، وعسى أن يعود ذلك بالخير على أهلنا في البحرين، سُنَّةً وشيعة وغيرهم.

***

قبل المغرب بقليل من يوم أمس الأول اتخذت قراراً بدخول عالم "تويتر"، وهو عالم غريب عجيب، ربما أحتاج إلى فترة من الوقت لاستيعابه.

غمرني المغردون بترحيب واسع وكلمات طيبة أخجلتني. كان من أسباب ترددي أن "تويتر" قد يستغرق الساعات الطوال وأخشى إدمانه، وكل أنواع الإدمان متعبة ومرهقة إلا إدمان حب الوطن، فهو ذلك النوع من الإدمان الذي يضفي على الإنسان توازناً لا اهتزاز بعده.

كذلك، فإن "تويتر" قد يجتزئ الفكرة فلا تصل كاملة، وقد اكتشفت ذلك سريعاً، فالمطلوب هو فقط ١٤٠ حرفاً، وهي قد لا تكون كافية.

على أي حال، أنا الآن هناك، في الفضاء اللامحدود أُغرِّد ومعي الآلاف من أسرتي الخاصة من المغردين، على مشهد ومرأى من العالم دون مبالغة، فعسى أن يكون تغريدنا شجياً يطرب السامعين، ويجعل الأفق أكثر سلاماً، وما أحوجنا إلى السلام... حسابي في "تويتر" هو "ghanimalnajjar@".

***

يمر رئيس الوزراء المكلف الشيخ جابر المبارك بمأزق مركب، فقد جاء إلى المنصب بعد مخاض عسير، وعليه أن يتعامل مع تركه ثقيلة، يضاف إلى ذلك اشتراكه في الحكومات السابقة موضوع النزاع.

كما أنه جاء إثر حراك شعبي حر تجاوز الثنائية التقليدية بين النواب والحكومة فقط، تلك الثنائية هي القاصمة لظهر أي عملية سياسية مجدية؛ فالصراع يتركز بين نواب وحكومة، والشعب يمارس الانتظار والمشاهدة، فإن استعصى هذا النائب على رغبات الحكومة فشراء ذمته هو السبيل، وإن لم يَلِنْ فتسهيل لمعاملاته ومصالحه التي هي في الغالب غير مشروعة، فإن لم ينفع، لا هذا ولا ذاك فتشويه سمعته.

مازال هناك مِن الطامحين مَن يريدون وأد الرئيس المكلف في المهد، وهناك مَن قد يرى فيه المنقذ لحالة التردي.

أظن أننا بحاجة إلى ساحر للخروج من مأزقنا الحالي، وحسب علمنا فإن الرئيس المكلف ليس بساحر، وعليه ما عليه، كما أن له ما له. ما يعنينا ليس شخصَ مَن جاء، ولكن التوافق على رؤية عاجلة للخروج من حفرة التردي، حيث إنه لا يوجد أحد يملك خريطة طريق للخروج من المأزق، لا بين الحكومة ولا بين النواب، وحتى إن وجدت تلك الخريطة فهي ليست محل اتفاق.

إن المؤشر الوحيد الذي قد يعيد شيئاً من ثقة الناس بنظامهم السياسي هو إيصال قضية الإيداعات المليونية إلى المحكمة دون تأخير أو إبطاء.

إن مجرد محاكمة نواب الإيداعات بجدية وبعدم تدخل من الحكومة سيسهم في استعادة شيء من تلك الثقة المفقودة، والثقة أساسية لتأسيس العملية السياسية الحقيقية، وبالتالي إمكانية بناء أسس المجتمع الديمقراطي عليها. إن الاستمرار في ذات العادات والتقاليد الفاسدة في العملية السياسية لن يؤدي إلى إخراجنا من حالة الركود والنكوص والتردي.

back to top