اقتحام المجلس والصور التي نشرت لاحقا إهانة للشعب والدستور، كما أن التراخي في حل المشكلات الأخرى هي استهانة بالقوانين والدستور أيضا، ولا يحتاج الأمر إلى مزايدة، ولنتذكر أن شباب حملة «نبيها خمس» استطاعوا تغيير الدوائر الانتخابية بدون صراخ وقوة، واستطاعوا قيادة النواب والوزراء إلى مطالبهم.

Ad

أول العمود: يا مواطن، بإمكانك أن تغير ما لم تستطع الحكومة والمجلس تغييره... ابدأ بالصمت والعمل.

***

أجد أن أكثر الأفعال حنكة وعقلانية بعد حادثة اقتحام مبنى مجلس الأمة يوم الأربعاء الفائت هو مراقبة ردود فعل المواطنين العاديين وطريقة ربطهم للأمور بعضها ببعض، وأعول على أهمية ذلك لأن هؤلاء "أي نحن" هم الذين ينتخبون أعضاء مجلس الأمة بكامل عددهم.

وبودي قبل أن أناقش "سقطة الأربعاء" التذكير بحوادث مؤلمة من خلال السؤال التالي: هل تتذكرون ردود فعل أعضاء مجلس 85 فيما حدث أيام دواوين الاثنين؟ هل تتذكرون رد فعل كل من الأعضاء السابقين حمد الجوعان وعبدالله النيباري على محاولات اغتيالهم؟ تتذكرون الطرق التي سلكوها تجاه تلك الجرائم، هي من المؤكد ليست من جنس ما حدث يوم الأربعاء!

إن محاولة جر النقاشات إلى زاوية لتبرير الاقتحام مرفوضة، وذلك بالقول إن الفساد بلغ مداه، هذا بيت الشعب، وهو كمبني ومعنى، له احترامه وهيبته وصورته في ذهنية الحاكم والمحكوم، وما حدث من تصرفات شنيعة لا تليق بمكانة هذا البيت. ولو قام كل طرف بما يحلو له نتيجة عدم تحقيق مطالبه فالبلد سيحرق في يومين.

للحكومة أخطاء وللمجلس أخطاء، ويجب على المؤسستين ألا تزايدا على المواطن المسكين، والأمر اليوم بات وبلا أدنى شك في يد سمو أمير البلاد، فهو الملاذ الآمن حين تغلق أبواب الحل، فلنترك لسموه هذه المهمة الجسيمة.

أعود إلى عقلية تبرير الاقتحام بما يسوقه البعض من أعذار له، ومن أمثلتها الإيداعات المليونية، ومقتل الميموني، وسحب الاستجواب من جدول أعمال الجلسة الأخيرة، وتوقيف المغردين والكتّاب وغيرها من الأمثلة. نقول إن هذه الأمثلة لا يمكن خلطها بشكل اعتباطي لا يراعي خصوصية كل حادث وظروفه، وهو خلط بعيد عن التفكير الجاد والسوي للخروج من النفق المظلم الذي نحن فيه اليوم.

اقتحام المجلس والصور التي نشرت لاحقا إهانة للشعب والدستور، كما أن التراخي في حل المشكلات الأخرى هي استهانة بالقوانين والدستور أيضا، ولا يحتاج الأمر إلى مزايدة.

لنتذكر أن شباب حملة "نبيها خمس" استطاعوا تغيير الدوائر الانتخابية بدون صراخ وقوة، واستطاعوا قيادة النواب والوزراء إلى مطالبهم، وكان لهم ما كان وتم تعديل الدوائر، ومن هذا المنطلق فإنني أدعو إلى ترك الفرصة للشباب للعمل وحدهم من أجل التغيير، فالنواب لديهم من السلطة والأدوات ما يستطيعون من خلالها ترجمة مطالب الشارع في قاعة عبدالله السالم.

الاقتحام الذي تم هو الثاني لمبنى مجلس الأمة بعد اقتحامه من قبل الغزاة العراقيين، والفارق أن الغزاة حرقوه... ومهنة التوثيق والتأريخ للأحداث ستؤكد ذلك بحسب المقولة الشهيرة: حدث في مثل هذا اليوم.