الليبرالية هي الحل!

نشر في 18-10-2011
آخر تحديث 18-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 حمد نايف العنزي ما حدث في مصر -ربما- سيحدث قريبا في دول ثائرة أخرى، فتغيير السلطة الحاكمة هو تغيير للقشرة الخارجية فقط، ويبقى الداخل بانتظار التغيير الحقيقي، وهو تغيير لن يحدث سوى بتوافر الرغبة في التغيير والعمل من أجله، فهل الشعوب العربية جادة في ذلك، أم أن ثوراتها هي مجرد ثورة على الحاكم ورغبة في إطاحته مع بقاء كل شيء عداه في مكانه؟!

ما حدث الأسبوع الماضي في مصر من اشتباكات دامية أدت إلى مقتل 25 قبطيا، وإصابة أكثر من 300 آخرين منهم، فيما سمي بفتنة كنيسة «الماريناب»، والتي انطلقت شرارتها من أسوان باعتراض الجماعة السلفية على إعادة بناء الكنيسة ثم الاعتداء عليها، يؤكد ما سبق أن ذكرته في مقال سابق بأن الطريق ما زال طويلا أمام الشعوب العربية الثائرة على أنظمتها الفاسدة، وأنها بحاجة إلى ثورات أخرى ضد العديد من السلوكيات والمفاهيم المدمرة لكيان أي مجتمع، والتي على رأسها التعصب الديني الذي غذته ولعبت على أوتاره السلطات الحاكمة طوال عقود حكمها الفاسدة.

كما أن الحادثة أثبتت لي وبشكل قاطع ما ظننته دائما بأن مشكلتنا الكبرى كشعوب عربية ليست مع الاستبداد السياسي بقدر ما هي مع الاستبداد الشخصي والاجتماعي، وتدخلنا السافر كأفراد وجماعات في أفكار ومعتقدات الآخرين، ومحاولاتنا المستمرة لفرض ما نراه صوابا عليهم بالقوة، والتسلط الدائم للأغلبية على الأقلية وعدم احترام خياراتهم لا في الدنيا... ولا في الآخرة!

وما لم نتعلم- أو نحاول التعلم- كيف نتعايش مع بعضنا، وأن نتقبل الآخر كما هو لا كما نريد، فسوف نبقى نراوح مكاننا- بعد كل العناء والتضحيات- حتى إن استبدلنا كل الأنظمة الفاسدة في العالم العربي، فالتغيير الحقيقي يبدأ من الفرد، من المجتمع، لينتقل بعد ذلك «أوتوماتيكيا» إلى النخب الحاكمة!

ولن يتحقق ذلك سوى بالسعي بكل قوة نحو نشر المبادئ الليبرالية (الحرية والتعددية وفصل الدين عن الدولة) بين الناس وتحويلها إلى ثقافة عامة يؤمن بها، ويمارسها الجميع كدرع منيعة ضد التطرف والتعصب وضمان وحيد لوقف الصراعات الدينية والعرقية والطائفية.

نعم، هي مهمة غير سهلة على الإطلاق في مجتمعات أدمنت التطرف والتعصب والتسلط ضد الآخر لقرون، لكنها ليست مستحيلة فقد قامت بها كل الأمم المتحضرة قبلنا، وهي أهم من كل الثورات لأنها ضد ثقافة الحقد والكراهية ومعاداة الآخر، ضد الجهل المركب الذي يجعلنا نقلب صفحات التاريخ الغابر بحثا عن آثام الأجداد كمبرر للعداوة مع الأحفاد، ضد التحجر والانغلاق الذي يجعلنا عبئا على العالم ومصدر خطورة دائم له!

ما حدث في مصر -ربما- سيحدث قريبا في دول ثائرة أخرى، فتغيير السلطة الحاكمة هو تغيير للقشرة الخارجية فقط، ويبقى الداخل بانتظار التغيير الحقيقي، وهو تغيير لن يحدث سوى بتوافر الرغبة في التغيير والعمل من أجله، فهل الشعوب العربية جادة في ذلك، أم أن ثوراتها هي مجرد ثورة على الحاكم ورغبة في إطاحته مع بقاء كل شيء عداه في مكانه؟!

back to top