إمارة الشارقة، يسمونها الإمارة الباسمة، وقد سألنا أحد الأصدقاء عن هذا طالبا عدم الرجوع إلى العلّامة "غوغل"، فما عرف الإجابة أحد، فأجبت يومها بأن الإمارة الباسمة هي الكويت، لكنني بعد مداولة سريعة مع الصديق صلاح وحيدي، طارح السؤال، وصلت إلى أن الكويت يجب أن تسمى بالإمارة الضاحكة في الواقع... وهأنذا أعلنها من هنا: "الكويت... الإمارة الضاحكة".

Ad

بالطبع، لست هنا في وارد أن أسخر من بلدي، معاذ الله، فمن يسخر من بلده لا يستحق العيش فيه، وبلدي، ولو كنت لم أذق من خيره شيئا فما بالكم وخيره عليّ عظيم، يكفيني أن عشت على أرضه وترعرعت فيه، لكنني هنا أسخر من الحال التي آلت إليها الأوضاع فيه، وهي، والحق ما أقول، سخرية ممزوجة بغصة في الحلق، وبكثير من الألم المحرق للنفس.

كل ما يجري في الكويت اليوم، على كل صعيد مرتبط بالشأن السياسي، وكل صعيد قد جعلوه يرتبط بالشأن السياسي عندنا، أقول كل ما يجري في الكويت على هذه الصُعد قد صار يدعو إلى الضحك، بل الكثير من الضحك إلى حد البكاء.

الصراع السياسي المحتدم، والذي لا نرى أفقا لنهايته، صار كجدول الضرب... صراعا بين أبناء أسرة الحكم، وبين أفراد الحكومة، وبين الحكومة والبرلمان، وبين نواب البرلمان بعضهم ببعض، وبين الشعب والحكومة، وبين الشعب والبرلمان، وبين فئات الشعب بعضها ببعض، أي بين كل الأطراف تجاه كل الأطراف في الكويت، تماما كجدول الضرب الذي تُضرب به كل الأعداد بعضها ببعض دون استثناء. جدول الضرب هذا، وبعدما استنفد منا كل قدرة على التبصر والتأمل والتحليل، وبعدما تساقطت على جوانبه كل محاولات الفهم والاستنباط، قادنا إلى الضحك إلى حد البكاء، فقد صدق من قال إن "شر البلية ما يضحك"، حتى نشطت النكتة السياسية السافرة بشكل لم يعهده المجتمع الكويتي من قبل.

الصراع السياسي قد أتى على كل شيء، وخنق كل أنفاس التنمية والتطوير والإصلاح، حتى يكاد يغلق أبواب الأمل والتفاؤل والرجاء في نفوس البقية الباقية من الملازمين لهذه الأبواب حتى الرمق الأخير، بعدما أتى على الأغلبية العظمى من الناس، التي بات لسان حالها يردد طوال الوقت ألا فائدة ترجى ولا أمل.

ضحكت كثيرا حتى كدت أقع على ظهري، بعدما قرأت تصريحا لمسؤول حكومي رفيع، لن أكشف عن اسمه، وسأكتفي بالقول إنه رفيع جدا، قال فيه إن سلسلة الاستجوابات لن توقف مسيرة الإنجازات، يا للهول! عن أي إنجازات تتحدث يا شيخ؟! أرض الحكومة قد أضحت اليوم جدباء قاحلة موحشة، وماشيتها هزيلة واهنة ضعيفة، نشف الماء ويبس الزرع وتشققت الأرض وجف الضرع وهزلت الحكومة بأسرها حتى ساومها المفلسون، بل عافتها أنفسهم!

قل غيرها يا شيخ، حفظك الله لمحبيك؛ قل مثلا، ابقوا معنا وسنأتيكم بالإنجازات بعدما ننتهي من الاستجوابات... مثلا، وسنتفاءل وسنتظاهر أمام أنفسنا بأننا قد صدقنا، فليس بيدنا الكثير لنفعله غير ذلك.

إن هذا التدمير التنموي الممنهج الذي يجري في الكويت اليوم، سواء بقصد أو من دون قصد، يتحمل وزره الطرفان، الحكومة أولا، ثم البرلمان ولا شك، والخراب الناتج عن هذا التدمير، لن تزول آثاره بمجرد زوالهما، سواء برحيل الحكومة برئيسها أو بإعادة الانتخابات البرلمانية، فهو خراب ستمتد آثاره سنوات طويلة قادمة وللأسف، ولا بد من حل... لا بد من علاج، وإلا ستغرق السفينة... هل تسمعون يا جماعة؟ ستغرق السفينة بكل من فيها، ولن يفيد حينها الندم، نسأل الله الحفظ والسلامة.

فهل ترون كيف أنه قد صار الواقع ضحكا مؤلما إلى حد البكاء؟! وكيف صارت الكويت حقا هي الإمارة الضاحكة، من فوق جراحاتها وآلامها؟!

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة