صالحيني كي "أتسنبل"...

Ad

صالحيني كي أصير صباحا

كي أسيل جدولاً عذباً في عطش الرمل

كي أصبح غصناً أخضرا تلتفُّ حولي أجنحة العصافير وهديل الحمام،

أو أصير صخرة مُزهِرة

أو شال حرير

أو موقدا في خيمة منصوبة في طريق البرد

أو أصير بخارا يخرج من فم طفلة في صباح شتائي

أو "مريول" مدرسة

أو شريطة ظفيرةٍ ورديّة

الصلح يمحو قلبي ويعيد رسمه قمرا في السماء

وينتزع أصابعي من كفي ليثبّت مكانها نجوما فضيّة

ويوطّن البروق بنبضي

خصامك يحاصر أنفاسي

ويشدّ هندامي على جسدي شدّاً

صالحيني...

يتساقط من شجر الصبر لؤلؤ الفرح

وتنساب ألوان قزح في حضني

وينبت العشب الندي على أهدابي

وتحطّ الغيوم رحالها في كلماتي

يصبح المدى أوسع بقدرخطوة عطرٍ سيفرّ من آنيته

والبحار أجمل بقدر حديقة مرجان أخرى ستولد من رحم عروسة بحر

صالحيني... ليهدأ الضجيج بصوتي

وأكف عن النداء

وأكف عن حياكة الأماني بسُمّ خياطٍ مهترئ وخيوط صوفٍ ستنفد

كنت أفتقدك... وأكاد أفقدك

يسرقك البعد شيئا فشيئا

يتلاشى شيء منك كل صباح

أوشك أن أصحو ذات يوم ولا أجد شيئا منك

لا شيء من رائحة هيلك أو زعفرانك

لا شيء من زبَد عينيك

لا شيء من شذا جسدك

حتى صورتك في هاتفي المحمول تختفي ملامحها رويدا رويدا من تلقاء نفسها، كذلك رقم هاتفك،

ألوانك تتسرب من كف الذاكرة:

"روجك"، كحلك، بلوزتك، ضحكتك، صوتك، كلها بدأت تنزع ألوانها التي أحب وترتدي اللون الرمادي الباهت شيئا فشيئا،

مع كل شروق للشمس يغيب جزء من قمر وجودك بي

صالحيني...

دعي قمر وجهك يكتمل مرة أخرى بي

دعي نجومك توقد شموعها كما اعتادت في محبرتي

أعيدي صورتك البهية لمرايا ذاكرتي

أعيدي الزغاريد لأغنياتي

والنوارس لشواطئي

والضحكة لقلبي

دعيني أتساقط رطَباً شهيّاً في كفيك

صالحيني...

لم يعد البُعد فرصة لالتقاط الأنفاس، بل أصبح يطلق على الأنفاس الرصاص،

أنتِ لست أنتِ بدوني

وأنا لست أنا بدونك

شوارع المدينة تكتظّ بالسيارات والناس والزكام بدوننا،

بنا فقط تتسع تلك الشوارع للأغاني المتبّلة بالنهارات

ينزل المطر على علو أمتار قليلة عن سطح الأرض فلا يرانا معا، فيعود معتذرا لأمه الغيمة،

والندى يتبخّر قبل أن يغسل وجه وردة في الصباح

لا يجد القمر ما يفعله في المساء،

قد كان يقف ليس بعيدا عن نافذتك يراقبك وأنت تسرّحين شعرك، وتُكملين زينتك استعدادا للخروج معي،

أو يجلس على حافة منضدتي، ليس بعيدا من أوراقي يشاركني كتابة القصائد لك،

الآن القمر عاطل عن العمل، لا توجد وظيفة شاغرة له في مكاتب الخدمة المدنية، وهو عاجز عن إيجاد وظيفة لدى عاشقين سوانا!

النسائم صُنّفت ضمن البطالة المقنّعة،

كانت مشغولة بنقل عطرك إليّ، ورسائل الشوق إليك،

الآن تتسكع في الشوارع خالية الكفين، وبلا هدف!

صالحيني...

ليعود كل شيء إلى طبيعته: أنت... أنا... وباقي الحياة!