آمال: إفريقيا... مسافة السكة

نشر في 14-07-2011
آخر تحديث 14-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 محمد الوشيحي «كُثر الفساد يقل المعرفة» والكويت كثرَ فيها الفساد ولم نعد نعرفها، ولم نعد نخاف أحداً كما نخاف حكومتنا، فهي شجرة الفساد «وكل ما في الأرض من شرٍّ هو الأغصانُ» كما يقول العراقي الخالد أحمد مطر، ومن يتشرف بمصافحة الحكومة فعليه أن يتفقد أصابعه... حتماً ولزماً وجزماً ستكون ناقصة.

وتعاني بعض الحكومات الأوروبية غضبة شعبية أشبه بالإعصار، وفي فرنسا وما أدراك ما فرنسا وما حكومة فرنسا يتذمر الناس: «لماذا دائماً تأتي بلادنا في قائمة الدول الأفضل في العالم بعد الدول الإسكندنافية، فنلندا وآيسلندا وشقيقاتهما، ولم تتفوق عليها؟ ما الذي ينقصنا؟»، ويخرج المنظّرون والناشطون على شاشات التلفزيون ليرجموا الحكومة بكل ما في أيديهم وما في ألسنتهم، ويسلخوا الوزراء والمسؤولين سلخاً مبيناً، على اعتبار أن المسافة ازدادت اتساعاً بين فرنسا والدول ذات المراكز الأولى.

أذكّرُ فقط من نسي الفقرة السابقة... يحدث هذا الضجيج في فرنسا ذاتها لا الغابون ولا نيجيريا. فرنسا التي لشدة اهتمامها وسباقها مع الزمن تغلق أزرار قميصها في الأصانصير كي لا تضيع منها دقيقة أو اثنتان وهي في طريقها إلى العمل.

***

هذه هي المرة الأولى، منذ سنوات، التي أتأخر فيها عن صحبة صديقي «شهر يوليو» إلى خارج البلد. ها هو تحت منزلي يرمي شباك غرفتي بالحجارة ليستعجلني، فأخرج إليه من الشرفة بشعري المبلول مرتدياً روب الحمام: «دقائق وسأنزل».

نفكر، يوليو وأنا، جدياً بزيارة فرنسا لتهدئة نفوس أهلها، أو زيارة بلدان إفريقيا السوداء، الجزء الغربي تحديداً، والرقص مع الأفارقة الغربيين على قرع طبولهم الضخمة على أحد الشواطئ، عراة إلا مما يستر مناطقنا السفلى.

وإحسان عبدالقدوس أطلق على إحدى رواياته اسم «لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص»، وأنا أصدقه، والكتابة تحتاج إلى تفكير، لذا، أستأذن إدارة تحرير الجريدة بعد أن أستأذن القراء لغيابي خلال الأيام المقبلة في إجازتي السنوية.

***

الوزير المستقيل، الكاتب الحكومي النبيل، سامي النصف، أشهد أنه من عشاق المفردة وأنصار الجمال في الصياغة والأسلوب، وكان يهاتفني غاضباً أحياناً: «أنت تسببت في ظهور كتّاب صحفيين في وقت واحد يقلدونك تقليداً أعمى، بلا إضافة، بل على العكس، أرى أن تقليدهم مشوّه ومسخ... ألا يدرك هؤلاء أن المُقَلِّد يبقى صغيراً»، ويضيف: «هناك فرق بين أن يتأثر الكاتب بالأجيال السابقة من الكتّاب أو حتى بأحد الكتّاب الحاليين، لكن ليس بهذه الطريقة السافرة».

وكنت أعلق: «أرى ذلك بوضوح، ولا أنكر أنه يملأ رئتَيّ رضىً وينفخ صدري زهواً... وإذا كان بعضهم مسخاً كما ترى، فإن بعضاً آخر يضع لمساته الخاصة به».

مِن هؤلاء الذين ذكرتهم شاب يكتب في جريدة «الكويتية»، اسمه أحمد مبارك البريكي، من النوع الذي يحرص كثيراً على جمال مقالته، فبعد أن يكتبها يعلقها على الحائط ويتراجع إلى الخلف خطوات ليراها عن بعد، ثم يعود ويضع بعض التعديلات الخفيفة، قبل أن يقدمها للزبائن... وأشهد أن ذائقته فرنسية رائعة.

البريكي واحد من الذين ذكرتهم سابقاً لسامي النصف، تابعوه وسأبحث معكم عن أزهار الصحافة الزاهية الألوان بعد أن كثر الشوك، ولكم علي أنني كلما وجدت زهرة سأصرخ وأنا أشير إليها: «هذه واحدة... فاستنشقوها».

وفي أمان الله، سألحق بيوليو الذي ينتظرني وهو يفرك يديه استعداداً للرقص على شواطئ إفريقيا الغربية.

back to top