لا أمل لنا...
مضحك مبك صراع الجبابرة في الأسرة، وتحزب الأعضاء في مجلس الأمة لطرفي النزاع، واحتقان الشارع حول خلاف طائفي أساسه صراع سياسي آخر قبل 14 قرنا... ونكتب ونستنكر، ونحلل الأوضاع السياسية ومستقبل العلاقات الحكومية البرلمانية، ونبكي الوحدة الوطنية، ونطالب بإقالة فلان ورحيل علان... ثم ماذا؟!في الولايات المتحدة- إن قبلنا بها كمثال للدولة الحديثة الديمقراطية- يرى الكثير باراك أوباما الشيطان الأكبر الذي سيدمر عظمة الدولة، ويعتقد الديمقراطيون أن الجمهوريين هم معقل التخلف والأب الروحي للتطرف والتعصب، ولا تزال الأقليات تطالب بحقوقها وتسعى إلى حماية نفسها من الجهلة والرجعيين، هذا بالإضافة إلى المخاطر الخارجية والأزمة الاقتصادية، وتلوث البيئة وتهورها... وغيرها، ورغم ذلك تستمر عملية التنمية، ونرى مَن يعمل على إيجاد الحلول، ومن يطبقها بضمير، ومن يضغط باتجاه تطبيق أفضل، وإصلاح في الأداء.
ويستمر الإنجاز على مستوى البحث الأكاديمي العلمي وعلى مستوى التطبيق العملي، وفي القضايا المصيرية نرى أروع أشكال التعاون والتنسيق بين أطراف النزاع؛ مما يعطي الكل الأمل في المستقبل وفي بقاء الدولة والمحافظة على هويتها.أما نحن فالكل يلطم ويشتكي، وكل طرف يلوم الآخر، والجميع- وعياً أو من دون وعي- يعلم أننا باتجاه الهاوية، وأن بقاء الدولة أقرب إلى المستحيل... ورغم ذلك لا عمل يذكر، ولا قرار مفيدا ولا حتى رغبة صادقة في إيجاد حل. حالة غريبة من الاكتئاب الاجتماعي والانتحار الجماعي، ودرجة مقرفة من اللا اكتراث والبرود!ما الفرق؟ وأين الحل؟ مسكين من يعتقد أن الحل برحيل المحمد واستقالة الفهد، أو باتفاق "الشعبي" و"الوطني"، أو بانقراض الطبطبائي وهايف وسلالتهما... المشكلة ليست بأشخاص أو حتى أحزاب أو تكتلات، إنما بنظام متكامل خلقهم وخلق البيئة المناسبة لازدهار من هم على شاكلتهم، وقتل من يحمل حس العدالة والنزاهة أو الإبداع والعلم ومن يملك الموهبة ويسعى إلى الإنجاز. ولا أعني هنا النظام السياسي الهجين ما بين الملكي والرئاسي وما بين العلماني والديني، والمدني والعشائري، فهذا مجرد عرض للخلل العام في النظام الاجتماعي-الاقتصادي. لقد وصلنا إلى الدرك الأسفل من التخلف بسبب نظام اجتماعي ثقافي قوي مدعم بنظام تعليمي وتربوي متكامل عمل عبر عقود طويلة على خلق إنسان بليد المشاعر، عاطل الفكر، طفيلي ومتواكل، عبقري في رسم المشاكل والمعوقات ومشلول القدرة على الإبداع والاختيار الحر واتخاذ القرار، فلن نستحق أن نكون دولة ما لم نغير صناعة هذا الإنسان.أملنا الوحيد أن نصنع ونتبنى طليعة شبابية تحمل قيماً اجتماعية إيجابية وتخلقها؛ كالتسامح والأخلاق والإنجاز، وتملك مواهب متعددة قادرة على قلب النظام، وعلى بحث وإعطاء حلول، وعلى حمل مسؤولية التنفيذ وإطلاق موجة التغيير... أملنا القلة الباقية من شبابنا الذين خدعوا النظام وحافظوا على نظافتهم وسلامتهم العقلية... فلا نخسرهم!كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة