سماجة!

نشر في 13-08-2011
آخر تحديث 13-08-2011 | 22:01
No Image Caption
 صالح القلاب لا توجد «سماجة» أكثر من سماجة الذين بادروا، لتغطية الجرائم التي يرتكبونها في بلدانهم، إلى التهكم على بريطانيا، بـ«ثقالة» دم لا مثيل لها، بسبب أحداث الشغب والعنف التي تعرضت لها بعض المدن البريطانية، ومطالبة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالرحيل، لأنه كما يقول هؤلاء الخائبون، قد فقد شرعيته بسبب هذه الأحداث.

هناك مسؤول في باقي ما تبقى من «جماهيرية» القذافي اسمه خالد كعيم حاول استعراض خفة دمه، بسماجة مقرفة، بمطالبته برحيل كاميرون وحكومته بعد «القمع العنيف» الذي «سلَّطه» البوليس البريطاني ضد المشاركين في المظاهرات «والتي دلَّت على أن البريطانيين يرفضون هذه الحكومة التي تحاول إجبارهم بالعنف على قبولها»!

هل توجد سماجة في العالم ومنذ بدء الخليقة أكثر من هذه السماجة، فهذا الـ»كعيم»، الذي بقي على الديار شبه وحيد بعد أن أخذت جماهيرية القذافي بالرحيل، قال، حسب وكالة الصحافة الفرنسية: «إن كاميرون أصبح فاقداً للشرعية، وعليه هو وحكومته الرحيل وعلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن عدم الوقوف مكتوفي الأيدي تجاه الاعتداء الصارخ على حقوق الشعب البريطاني الذي يطالب بحقه في حكم بلاده».

والأكثر سماجة من هذا الـ»كعيم» هو محمود أحمدي نجاد، صاحب الوجه السموح ما غيره، فهو بدوره، حسب موقعه الإلكتروني، سارع إلى القول: «إن السلوك الوحشي للشرطة البريطانية غير مقبول... وإن جزءاً من الشعب البريطاني نفد صبره... ولا أمل لديه في المستقبل»، وكان ناطق باسم خارجية دولة الولي الفقيه قد أدلى بدلوه وطالب حكومة كاميرون، وبخفة دم منقطعة النظير أيضاً، بعدم اللجوء إلى العنف والدخول في حوار مع المحتجين والنظر بمطالبهم.

وبالطبع فإن المسألة هي مجرد «مَسْخرة» ولكن بسماجة متناهية، فالرئيس الإيراني والناطق باسم خارجيته ومعهما هذا الـ»كعيم» الناعق الوحيد المتبقي على أطلال جماهيرية القذافي، التي كانت ذات يوم يصفها زُلْم «الأخ قائد الثورة» بأنها عظمى، يعرفون أن أنظمتهم إن لم تقتلعها الثورات وتستبدلها بما هو أفضل بحاجة إلى ألف عام حتى تصل إلى مستوى أقدام الديمقراطية البريطانية العظيمة التي هي أساس عظمة إمبراطورية كانت حتى وقت قريب لا تغيب عن أملاكها الشمس... ومن بين هذه الأملاك إيران وليبيا.

لا أحد يؤاخذ هذا الـ»كعيم» على ما قاله، فهو تربى في مدرسة القذافي الهزلية «الكاريكاتورية» التي بقيت بكتابها الأخضر وبتصرفات «الأخ قائد الثورة» مَهْزَأة للعالم بأسره، أما نجاد الذي يعتبر نفسه وريث إمبراطورية فارس فإن مما لاشك فيه، طالما أنه صاحب موقع إلكتروني، أنه يعرف أن الحرائق التي أكلت أملاك الناس ومحالهم التجارية في بريطانيا أشعلها زعران خارجون على القانون، ومع ذلك ورغم أن ألسنة النيران وصلت إلى عنان السماء فإن الشرطة البريطانية بالطبع لم تطلق ولا طلقة واحدة، وترددت كثيراً حتى في استخدام خراطيم المياه، ولم يعلن رئيس الوزراء كاميرون الأحكام العرفية، والشعب البريطاني بعد دقائق فقط من انتهاء هذا الذي جرى بادر إلى إزالة آثار هذه الجرائم، وبقيت الحياة مستمرة وكأن أي شيء مما حصل لم يحصل!

back to top