حدثني صديق أخيراً عن انطباعات عائلة إماراتية تربطه بها علاقات أسرية زارت الكويت منذ أيام بعد فترة طويلة لم تزر خلالها البلاد، وكانت آخر زيارة لها تحديداً في نهاية عقد الثمانينيات، صديقي يحكي لي ملاحظات الأسرة الإماراتية وهو في حالة اكتئاب، ووصف وضعه وهو يستمع لكلام الأسرة بأنه كان وضعاً مخزياً وبالغ السوء نظراً إلى ما أبدته من انطباعات صادقة عن أوضاع مزرية يعيشها البلد.
وتبدأ انطباعات العائلة الإماراتية كما سأنقلها لكم على لسان صديقي بصدمة الخروج من الطائرة إلى مطار الكويت الذي وصفته العائلة بسوق شعبي يتلاطم بأمواج بشرية لا يسعهم فيه المكان ولا الخدمات، وقاعة الوصول والجوازات التي رأتها عبارة عن مكان يحشر فيه الناس ويتعالى فيه الصراخ على العمالة الآسيوية المكدسة على جوانبه، وطوابير من المسافرين أمام «كاونترات» الجوازات التي يتبادل أفرادها الشجار مع الناس لتنظيم الصفوف أمامهم، وكان المشهد سيئاً للغاية حتى تمكنا من التفلت من هذه الفوضى للخروج من المطار الذي صدمنا لأننا كنا نرى دائما في الكويت رمزاً لكل الخليجيين في الذوق والتنظيم والجمال!!ويكمل رب الأسرة الإماراتية قائلاً: إن المفاجآت لم تنته، فعندما تسلمت سيارتي المستأجرة لمغادرة موقع المطار وجدت مفاجأة أخرى، إذ شاهدت منظراً آخر أشد كآبة وتعاسة، فلقد كانت هناك فوضى عارمة لعشرات السيارات لم أشاهد مثيلاً لها، وهناك رجل شرطة لا يعيره أحدٌ أي اهتمام أو يطيع تعليماته، وعلى يميني تكدس رهيب لسيارات على الجسر المؤدي إلى القاعة العلوية من المطار، وبعد أكثر من نصف ساعة استطعت أن أغادر مبنى المطار لأجد ما يشبه حرب الشوارع على الطريق السريع حتى منطقة السالمية، ودورية مرور يتيمة على الطريق، كان قائدها يتحدث بهاتفه الخلوي، بينما هناك سيارات تتجاوزنا بسرعة جنونية وتتنقل بين حارات الطريق السريع دون أن تستفز الدورية وقائدها ليقوم بدوره في ملاحقتها... وعندها تحسرنا كثيراً على ما كانت عليه الكويت من تنظيم وانضباط في الثمانينيات.أحداث زيارة الأسرة الإماراتية للكويت لم تنته عند مأساة المطار وحرب شوارع الكويت وغياب الانضباط عنها والتحرشات وعدم احترام الدور في المجمعات التجارية والأماكن العامة، بل كانت لها مقامرة في مرفق خدمي آخر، إذ أصيب أحد أفراد الأسرة بمغص معوي حاد استدعى نقله إلى مستشفى مبارك ليلاً، فكان وضع المستشفى كما يصفه رب الأسرة أسوأ من المطار، وكأنه معسكر مهاجرين غير شرعيين في أوروبا من كثرة وتنوع الجنسيات وتكدس المراجعين عند غرفة الطبيب في الخفارة، فهربنا منه إلى مستشفى خاص أمعن في استغلالنا بفحوص متنوعة بمبالغ باهظة في ممارسة تجارية مفضوحة انتهت بحقنة مسكنة للألم ونصيحة لنا بأن نختار أماكن تناول وجباتنا بعناية لأن هناك أطناناً من الأغذية الفاسدة تُكتشف يومياً في الكويت!!في نهاية سرد صديقي لرواية العائلة الإماراتية ذات النسب والقربى الكويتية، ينقل كلمات أخيرة على لسان ربة الأسرة قبل مغادرتها البلاد بعد أن اعتذرت، وأكدت أن الكويت ستظل جميلة، قالت: الكويت كانت دائماً تمثل لنا منذ صغرنا السبق في الثقافة والموضة والذوق والتحضر... وأنا مستغربة «ليش سويتو بديرتكم شذي؟»... وأنا بدوري أنقل السؤال إلى نفسي والشعب والحكومة الكويتية... ليش سوينا بديرتنا جذي؟!!***لا أعلم سبب عناد إدارة الطيران المدني في عدم نقل بعض الرحلات الدولية إلى مطار الشيخ سعد، في ظل الأوضاع المزرية التي يعيشها مطار الكويت من ازدحام خانق ومشاكل، فهل هناك مثلاً قرار بإعدام مطار الشيخ سعد وتحويله إلى «خرابة»؟...أرجو أن يخرج مسؤولو إدارة الطيران المدني من حالة قرارات التعنت والعناد التي ندفع ثمنها إساءة لواجهة البلاد ومعاناة للمسافرين، ويلتفتوا إلى مصلحة الكويت وحاجاتها الملحة.
أخر كلام
انطباعات إماراتية... وإعدام مطار سعد
10-07-2011