حادثني النائب السابق العم مشاري العنجري قبل أسبوعين عن مقال "نحن وفارق الـ1%" وأضاف لي عدة معلومات أجد من المهم ذكرها.
ففي البداية قارن بين ميزانية الكويت وميزانيات دول أخرى مثل الأردن، وعند البحث تبين أن ميزانية الأردن لهذه السنة تتجاوز 6 مليارات دينار أردني لشعب يبلغ تعداده 6.5 ملايين نسمة، بينما تبلغ ميزانيتنا 20 مليار تقريبا لشعب يتجاوز تعداده المليون بقليل، أي أن معدل نصيب المواطن الأردني من الميزانية يبلغ حوالي ألف دينار بينما يبلغ معدل نصيب المواطن الكويتي من ميزانية حكومته 20 ألف دينار، أي 20 إلى 1.طبعا المقارنة بين الكويت والأردن غير عادلة لطبيعة إيرادات كل من الدولتين وتعداد سكانهما، لكن نسبة 20 إلى 1 كنصيب للفرد من الإنفاق العام تبدو كبيرة جدا ومبالغا فيها. قد أتفهم أن تكون النسبة 5 إلى 1 أو حتى 10 إلى 1، لكن النسبة الحالية تنذر بوجود خلل كبير.الأمر الآخر الذي ذكره العم "بو فيصل" هو أنه في كل تعامل بين طرفين هناك خدمة مقابلها، فالمستهلك مثلا يحصل على منتج معين مقابل مال يدفعه للطرف الآخر، والمواطن في الدول المتحضرة يدفع الضرائب مقابل الخدمات التي تقدمها الدولة، أما عندنا في الكويت فالمواطن يحصل على خدمات دون مقابل، والحكومة تقدم هذه الخدمات من إيرادات تستخرج من باطن الأرض، ويبدو أن المال في باطن الأرض يعتبر "مال إبليس"، فلذلك لا يوجد من يدافع عنه.فالعمالة الوطنية مكدسة في القطاع العام المتشبع أصلا منذ سنوات بلا إنتاج يذكر، وتكلفة إنتاج وحدة الكهرباء تبلغ 30 فلسا يتحمل المواطن منها في أفضل الأحوال فلسين فقط ومع ذلك لا يدفعها، أضف إلى ذلك الخدمات الأخرى المدعومة من الدولة والتي كلفت ميزانية هذه السنة أكثر من 4 مليارات دينار، وهذا الرقم كان يمثل إجمالي ميزانية الدولة قبل عشر سنوات فقط.كل هذا ونواب الأمة التعيسة ماضون في المزايدة وخداع المواطنين عبر المطالبة بمزيد من الزيادات والكوادر فقط من أجل إحراج الحكومة وتسجيل نقاط ضدها، والحكومة ضعيفة وترتعد فرائصها من أقل تهديد، وترضخ بسرعة للصوت العالي، ولا تأخذ بزمام المباردة لوقف هذا الجنون في الإنفاق.ولا يملك أي من الجانبين أي إجابة عن سؤال بسيط هو: كيف ستخلق الدولة 500 ألف وظيفة (أكرر نصف مليون) خلال العشرين سنة القادمة للمواطنين القادمين إلى سوق العمل؟ فوزارة المالية تقول في دراستها إن إيرادات الدولة ارتفعت في آخر عشر سنوات 2.8 مرة مقابل ارتفاع النفقات 4 مرات، وأنه من المتوقع أن يتضاعف بند المرتبات حتى من دون كوادر جديدة، ومحافظ البنك المركزي يحذر من اختلالات واضحة في البنية الاقتصادية للدولة، والبنك الدولي بح صوته من كثرة تحذيره من زيادة الرواتب من دون إنتاج يقابله، كل هذا والسباق جار على خداع الناس وكسب الأصوات عبر زيادة الإنفاق المجنون.طبعا من يدق ناقوس الخطر دائما ما يتهم بأنه يحابي التجار ولا يقف مع المواطن، مع أن العكس هو الصحيح، ففي لقاء قبل أكثر من عام مع عدد من مجموعة الـ26، قال النائب السابق مشاري العنجري أيضا إن التجار سيكونون في مأمن حين تعجز الدولة عن سداد الرواتب بسبب أرصدتهم المالية، لكن من سيتضرر هو المواطن المحدود الدخل والمخدوع بمطالبات الكوادر والزيادات.لقد بات من المهم أن يضع النواب العقلاء إضافة إلى الحكومة مصلحة الأجيال القادمة كأولوية للمرحلة القادمة عبر سلسلة من الإجراءات التي تخفض الإنفاق العام، والتي سنتناولها في مقال قادم بإذنه تعالى.
مقالات
مال إبليس
04-08-2011