المواطن الكويتي محسود لأنه يعيش في بلد ينتج النفط ويتمتع بحصه مجزية من مبيعاته تسير حياته اليومية بشكل لا يتوفر في بلدان كثيرة، لكن في المقابل مؤسسات هذا المواطن تقضي على كل ميزة، فأصبح لدينا شهادات علمية مغشوشة، ولدينا أغذية فاسدة، واستغلال بشع من الحكومة للأجهزة الرسمية في إعادة «تنفيق» النفط في صورة رحلات علاج في الخارج.

Ad

أول العمود:

جاءتني رسالة نصية ظريفة تقول: انشرها وخذ الأجر فوراً... فتحت الرسالة فوجدت سلة فيها كومة ملابس مغسولة، فنشرتها وحصلت على ابتسامة بدون قميص.

***

تصدر الكويت حصتها النفطية المقررة من "أوبك" بواقع 2.220 مليون برميل يومياً، ولديها طاقة غير مستغلة بواقع 650 ألف برميل أخرى. وتحتسب الميزانية سعراً للبرميل قدره 60 دولاراً، بينما يفوق سعره الواقعي اليوم الـ100 دولار.

هذه مقدمة ساذجة لإثبات أننا نملك المال بكثرة مفرطة، وامتلاك المال في هذا الزمن يعد ضرورة لتطور البلدان، لكن مشاهدة الواقع الكويتي لا تنبئ بحسن استغلاله، بل تجري محاولات تصريفه بشكل اعتباطي مبني على مبدأ الأعطيات والمنح والهبات دون اكتراث لاستغلاله في التنمية البشرية الحقيقية؛ فالجامعة الحكومية الثانية معطلة منذ عقود من الزمن، ومشروع الحكومة الإلكترونية لم يتم إنجازه، والمشاريع الترفيهية توقفت منذ أواخر الثمانينيات، وانتشار الأمراض بين الكويتيين صار مخيفاً، وإغراق البلد بالعمالة السائبة، وتعطل حل قضية "البدون"... وسلسلة من المشاكل تبدأ ولا تنتهي.

المواطن الكويتي محسود، لأنه يعيش في بلد ينتج النفط ويتمتع بحصة مجزية من مبيعاته تسير حياته اليومية والمستقبلية بشكل لا يتوفر في بلدان كثيرة، لكن في المقابل مؤسسات هذا المواطن تقضي على كل ميزة تأتي من كوننا نبيع النفط، فأصبح لدينا شهادات علمية مغشوشة يحملها موظفون في الدولة، ولدينا أغذية فاسدة، واستغلال بشع من الحكومة للأجهزة الرسمية في إعادة "تنفيق" النفط في صورة رحلات علاج في الخارج، وتعيينات سياسية في قطاعات حساسة كالنفط والتعليم.

هذا المواطن المحسود، هو ذاته الذي يهرب إلى دبي مع أبنائه في أقصر العطلات بحثاً عن الابتسامة، وهو الذي يتظاهر في الساحات يطلب التغيير في نمط إدارة البلد، وهو الذي يتم التخلي عنه بعد أن تشجعه الحكومة على العمل في القطاع الخاص... نعم هذا هو المواطن الذي لا يجد مسارح وأماكن ترفيه ومكتبات راقية وشوارع نظيفة وكهرباء وماء لا ينقطعان بحجة البرمجة والصيانة، وهو ذاته الذي يتلقى رسائل إعلامية قذرة من وسائل مكتوبة ومرئية تعيث بمكونات هذا المجتمع الصغير والمتآلف رغبة في "التنافس الإعلامي وتحقيق الربح والصيت".

أموال النفط التي تدخل خزينة الدولة يومياً بحاجة إلى عقلية مختلفة تماماً عن العقلية السائدة اليوم، والمال جاء من ثروة طبيعية لا شأن للإنسان الكويتي في وجودها، وبالعامية "النفط نازل علينا من السما"، فلماذا نبخل في حسن إدارته؟!

كلنا يلوك في لسانه كلمة "ضيقة خلق"، خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع، وهو دليل على سوء استغلالنا للثروة النفطية... الناس تعبت يا حكومة... الناس تريد أن تبتسم يا مجلس.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة