دعا قانونيون في ندوة "حق المواطنة بين السيادة ورقابة القضاء"، التي نظمتها جمعية المحامين الكويتية ولجنة الكويتيين البدون، بحضور ممثل من الأمم المتحدة، إلى تعديل تشريعي يسمح بحق اللجوء إلى القضاء للنظر في منازعات الجنسية والإبعاد الإداري، فحرمان الأفراد من حق التقاضي بحجة أن قانون الجنسية قانون "سيادي" هو إهدار لحق أساسي كفله الدستور.

Ad

وقد أكد د. عبيد الوسمي أستاذ القانون الإجرائي بكلية الحقوق "أن اعتبار الجنسية من أعمال السيادة بالمنظور الحكومي غير صحيح من الناحية العلمية، وإخلال بمبدأ التوازن في الحقوق المتبادلة بين الطرفين"، فأعمال السيادة كما بين د. الوسمي هي التي تتعلق بحق الدولة في تنظيم حق الجنسية ووضع ضوابطها ومعاييرها.

كما أوضح د. ثقل العجمي أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان بكلية الحقوق أن حرمان أفراد من حق التقاضي يعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان يتعارض مع كل المواثيق الدولية التي صدقت عليها الكويت، بل هو مخالف للمادة ١٦٦ من الدستور الكويتي التي تقر بأن "حق التقاضي مكفول للناس"، كما بين د. العجمي أن إنشاء "الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية" فيه مخالفة دستورية، "لأن صدور اللوائح التنفيذية يجب أن تتم بمراسيم أميرية لا بقرارات تنفيذية يصدرها الجهاز".

أما أمين عام الحركة الكويتية للعدالة والتنمية عبدالله فيروز فقد بين أن ما يتم تداوله بين الناس من أن "الجنسية مسألة سيادية" هي مقولة مجتزئة يغيب عنها الفهم الواضح لمضمونها، الذي يعني "الاعتراف بحق الدولة في تنظيم جنسيتها"، أما عدم اختصاص القضاء بالنظر في منازعات الجنسية والإبعاد الإداري فهو أمر كما يقول المحامي عبدالله فيروز "يصطدم مع المادة 27 من الدستور" الذي ينص على أن "الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاط الجنسية إلا في حدود القانون"... مستشهداً بمطالبة النائب العام السابق المستشار حامد العثمان الذي دعا إلى تطوير 30 قانوناً "لكي تفيق دولة الكويت من تخلفها التشريعي"، من ضمنها قانون إنشاء الدائرة الإدارية وتعديله للسماح للقضاء بنظر نزاعات الجنسية والإبعاد الإداري.

إن حرمان الأفراد من حق التقاضي في ما يتعلق بقانون الجنسية لا يقتصر على البدون بل ينسحب خطره على المواطنين كما يؤكد الكثير من القانونيين. فقد تسحب الجنسية أو تسقط بناء على طلب وزير الداخلية استناداً إلى بنود هلامية مثل "إذا استدعت مصلحة الدولة العليا" بدون صدور حكم قضائي، والأدهى أنه لا يحق لمن سحبت جنسيته التظلم أو الطعن أمام القضاء... الأمر الذي يجعل حق المواطنة وهو حق إنساني أساسي رهن العبث والاستغلال والضغط السياسي، بينما يُبعد القضاء عن القيام بدوره بالفصل بمسائل كسب الجنسية أو إسقاطها حسب المعايير والشروط التي تحددها الدولة ومؤسساتها، وهنا تأتي مسألة السيادة، أي حكم القانون لا السلطة المطلقة، أي سيادة الدولة لا الحكومة كما يقول الخبير القانوني د. محمد الفيلي الذي أكد أن قانون حظر القضاء النظر في مسائل الجنسية يعتبر إخلالاً بحق التقاضي ومبدأ الفصل بين السلطات في وأده الحق الدستوري للسلطتين التشريعية والقضائية.

كثيرة هي القوانين التي تتعارض مع النصوص الدستورية، والقليل جداً منها يجد طريقه إلى المحكمة الدستورية للفصل في دستوريته، فالمحكمة الدستورية في حكمها على عدم صلاحية أحد التشريعات أقرت أنه "لا يمكن أن يخالف التشريع نصوصاً أعلى منه بالدستور الكويتي تمثل مبادئ عامة". لكن الطريق إلى المحكمة الدستورية طريق صعب ووعر، لأن القانون هنا كذلك يحرم المواطنين من اللجوء المباشر إلى المحكمة الدستورية للنظر في مدى دستورية القوانين (هو بحد ذاته قانون يتعارض مع حق التقاضي المكفول للناس)، إذ يحصر القانون حق التقاضي للحكومة أو مجلس الأمة (الذي يتطلب الأغلبية)، أو عن طريق الطعن غير المباشر بالنسبة إلى الأفراد من خلال الدفع بدعوى منظورة أمام إحدى المحاكم، حيث يتطلب الأمر اقتناع المحكمة بأحقية الإحالة إلى المحكمة الدستورية، إلا أنه طريق منهك ومليء بالعقبات، إذ رُفضت الكثير من الدعاوى لأسباب فنية محضة.

على المشرعين في مجلس الأمة مسؤولية وطنية كبيرة في تعديل قانون المحكمة الدستورية وقانون الجنسية... ففساد القوانين جريمة بحق الوطن.

• الحكومة تصر على تبعية هيئة مكافحة الفساد لوزير العدل، ضاربة بعرض الحائط ما جاء في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صدقت عليها الكويت، والتي تنص على أن "تقوم كل دولة طرف، وفقاً للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بمنح الهيئة أو الهيئات ما يلزم من الاستقلالية، لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن أي تأثير لا مسوغ له".