في كل الأحوال علينا الأخذ بعين الاعتبار «مواجهة» المعوقات الإدارية التي شكلت في الماضي عقبات أبعدت المؤسسات عن  الوصول إلى الهدف، وعرقلت آلية التخطيط, أبرزها عدم التعاون بين المديرين والمسؤولين, وقصور الموارد المتاحة، الأمر الذي أدى إلى بيئة إدارية معقدة وغير قابلة للتغيير.

Ad

بمبادرة "استباقية" قبل عدة أيام, والعالم على مشارف أزمة مالية جديدة, شكل سمو الأمير لجنة استشارية اقتصادية مكونة من أهل الخبرة والمعرفة لبحث التطورات الخاصة بالاقتصاد العالمي، ودعا اللجنة إلى الاجتماع الأول، والذي نقل التلفزيون جزءا منه، فجاء طبقا لتداعيات العولمة وتأثر البيئة الاقتصادية المحلية بما يجري، لافتا الأنظار إلى ضرورة "حماية" الفوائض المالية من الهدر المبالغ به وسوء الاستغلال، فوضع سمو الأمير ثقته بالفريق الاستشاري مطالبا بمراعاة أصحاب الدخول المتدنية.

وفي السياق ذاته نشر صندوق النقد الدولي تقريرا "صريحا" حول فاعلية إدخال دول مجلس التعاون الخليجي لنظام الضرائب vat  "ضريبة القيمة المضافة"، وأشار إلى ضرورة التخفيض التدريجي للدعم الحكومي الموجه إلى المواد الغذائية والاستهلاكية وتطوير شبكات تضمن الدعم لمستحقيه.

ولكن لم يستطع باحثو الصندوق في الشأن الاقتصادي إخفاء تفاؤلهم حول نمو الاقتصاد الكويتي إلى 5.2% مدفوعا بنمو الناتج غير النفطي بنسبة 6%.

ولو عدنا إلى المفاهيم البسيطة للتخطيط الخاص باستباق الأزمات لوجدنا أن مفهوم "تخصيص الموارد لتنظيم الجهود الاستراتيجية, وانتهاج الاستمرارية في مرحلة صنع القرار, إلى جانب إعداد الكوادر البشرية المناسبة" هو الأنسب في المرحلة الحالية.

تلك المرحلة التي نخشى من خلالها أن نشهد بوادر معاناة البيئة الاقتصادية وتعرض الأسواق المالية للنزيف، وظهور مؤشرات الركود الاقتصادي, ومعاناة المؤسسات المالية من "هاجس"  التخفيض من قبل مؤسسات التصنيف الدولي، إذ سنكتب لاحقا عن اختلاف الرؤى حول كيفية اتخاذ القرار للتخفيف من حدتها.

أما قضية الهدر في المصاريف العامة، والتي تصدرت قضايا الساعة، فيقرؤها النائب في البرلمان ويصوغ حولها عددا لانهائيا من الأسئلة البرلمانية، ومن يدري فقد تكون هناك استراتيجيات وتجارب ناجحة للتقليل من الهدر في المصروفات العامة؟! إما من خلال إعادة تصنيف الهيئات الإدارية كوحدات عمل استراتيجية ومراكز مستقلة، فتعطى كل وحدة الحرية والاستقلال الكامل في إدارة المصاريف والإيرادات، وإما من خلال اتخاذ إجراءات جديدة تضع سقفا أعلى للإنفاق.

أما مؤسسات القطاع الخاص، فأعانها الله على مواجهة الأزمات المالية القادمة في التأقلم مع ظروف الجديدة سواء كانت في الاستحواذ أو في الاندماج, واتخاذ الإجراءات من إعادة رسم استراتيجية العمل، وحصر الكفاءات الإدارية والطاقات المنتجة لديها.

وفي كل الأحوال علينا الأخذ بعين الاعتبار "مواجهة" المعوقات الإدارية التي شكلت في الماضي عقبات أبعدت المؤسسات عن  الوصول إلى الهدف، وعرقلت آلية التخطيط, أبرزها عدم التعاون بين المديرين والمسؤولين, وقصور الموارد المتاحة، الأمر الذي أدى إلى بيئة إدارية معقدة وغير قابلة للتغيير.

لذا فإنه ينبغي علينا كباحثين في الشأن الاستراتيجي مشاركة القطاعين الخاص والعام معا في صياغة نماذج ناجحة، وتزويد الإدارات بالمنهج الاستراتيجي الصحيح والمناسب، ومساعدتها في إجراء عملية إعادة تنظيم وتوزيع الكوادر الإدارية، وتحفيز المراكز الإدارية على إشراك "الإدارة الوسطى" بالقضايا والمشاكل التي تعترض طريق التنمية.

خلاصة الموضوع:

الطريق إلى إدارة الفوائض المالية إدارة مثلى  يجب أن يمر عبر المعايير الثلاثة: وهي الإصلاح الإداري، والحوكمة، وإعادة هندسة المناصب الإدارية.