صَحْ يا رْجال!

نشر في 17-12-2011
آخر تحديث 17-12-2011 | 00:01
No Image Caption
 صالح القلاب كثُر الذين يدّعون انتصاراً لم يحققوه لا هُم ولا غيرهم بعد انسحاب الجيوش الأميركية من العراق وإنهاء مهمتها في هذا البلد، الذي لولاها ولولا تدخلها في «الشؤون الداخلية لهذه الدولة العربية في عام 2003» لكان صدام حسين, باستبداده وسطوته ودمويته ورعونته وجهله, لا يزال في مكانه ولكان نوري المالكي لا يزال لاجئاً سياسياً مطارداً ومطلوباً في الخارج، ومثله «مام» جلال الطالباني الذي كان قبِلَ بالتدخل الخارجي في شؤون بلده ويرفض الآن أي تدخل في شؤون سورية الداخلية.

لا شك في أن القوات الأميركية التي بقيت في العراق ثمانية أعوام قد واجهت استهدافاً ساهمت فيه إيران وسورية وساهمت فيه «القاعدة» وبقايا فلول حزب البعث وبعض استخبارات النظام السابق، أما أن يُشبِّهَ حسن نصرالله وتُشبِّه بعض الاتجاهات العراقية هذا الانسحاب بهزيمة الأميركيين في فيتنام فإن هذا غير صحيح وهو ادعاء فارغ و»مرْجلة» كاذبة.

لقد خسرت القوات الأميركية خلال احتلالٍ دام ثمانية أعوام وخلال المعارك التي خاضتها مع الجيش العراقي قبل الوصول إلى بغداد وبعد ذلك أربعة آلاف وخمسمئة قتيل ونحو ثلاثين ألف جريح، وهذه أرقام لا يمكن أن تجبر جيشاً بكل هذا الحجم وبكل هذه القوة وهذا التفوق على الانسحاب الكيفي والرحيل، على غرار ما جرى في فيتنام في سبعينيات القرن الماضي.

ثم ولو أن انسحاب الأميركيين من العراق يشبه هزيمتهم المنكرة في فيتنام فلم تم بهذه الطريقة «السلسة» ولم تم الاحتفاظ بعدد من القواعد للتدريب ولم ذهب نوري المالكي ومعه وفد من ثمانين من رجال الأعمال والمسؤولين إلى واشنطن لتقديم جزيل الشكر إلى الرئيس باراك أوباما ولتوقيع اتفاقيات بين دولتين صديقتين تحرصان على تمتين العلاقات بينهما الآن وفي المستقبل البعيد.

المثل يقول إن للهزيمة في العادة أباً واحداً، أما النصر فإن له أكثر من أب ولهذا فإننا نرى كيف أن الشيخ حسن نصرالله قد مدَّ يده من ضاحية بيروت الجنوبية التي باتت أرضها تهتز تحت أقدامه في ضوء ما حصل وما يحصل في سورية ليتبنى انتصاراً كاذباً وليدّعي هزيمة للأميركيين في بلاد الرافدين.

في عام 1969 كانت المقاومة الفلسطينية في ذروة تألقها وكان مجرى نهر الأردن من الشونة الشمالية وحتى وادي عربة في الجنوب يشكل جبهة اشتباكات ساخنة بين الفدائيين الفلسطينيين والمفارز المتقدمة من الجيش الإسرائيلي وكان في شتاء ذلك العام أن توفي رئيس وزراء إسرائيل ليفي أشكول الذي كان يقضي تقاعداً في مدينة بيسان المطلة على منطقة الأغوار الأردنية، وفاة طبيعية بسبب كبر السن إلّا أن إحدى الفصائل الهامشية, التي لها قائد وقيادة ولكن بلا أي قواعد, قد بادرت في بيان عسكري يقطر شرراً إلى الادعاء بأن إحدى مفارزها المقدامة قد تمكنت من اختراق مواقع جيش الدفاع والوصول إلى منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق وقتله شرَّ قتلة ثم عادت إلى قواعدها سالمة وبلا أي خسائر لا في الأرواح ولا في الأسلحة... وصَحْ يا رْجال!

back to top