في ظل الظروف المحيطة والملامح الجديدة للاقتصاد العالمي، ونحن على ما يبدو على مشارف أزمة مالية عالمية أخرى، تتباين مواقفنا كدول خليجية من خلال ردود الأفعال تجاه التقارير المختلفة والمؤشرات الاقتصادية والتنموية, وبالتقارير أعني الدراسات المحلية التي تكلف بها الحكومة ذوي الاختصاص, والدولية الصادرة عن منظمات حكومية دولية كالبنك الدولي.
ومن أبرز المواضيع التي انشغلت بها لجان التنمية بالأمم المتحدة بالإضافة إلى البنك الدولي خلال الأعوام الماضية هي التعليم والتوظيف أي التطوير والاستخدام الأمثل للمورد البشري.ويتضمن تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية للعام الماضي قائمة بالمبادرات التعليمية في دول التعاون الخليجي, أولها، مشروع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية والتي تقدم للخريجين رجالاً ونساءً منحاً دراسية لإجراء بحوث علمية بالإضافة إلى تقديم الدعم بشأن اتزان العرض والطلب, أي عرض التخصصات وعدد أماكن القبول والطلب على تلك التخصصات.أما المشروع الثاني، ففي الإمارات عبر مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم التي تقدم الدعم والمساندة مستهدفة المستوى المعرفي والقدرات التقنية.أما المشروع الثالث فيأتي مشروع الجامعة العربية المفتوحة في الكويت والبحرين، وتمولها الأمم المتحدة بالإضافة إلى الأمير طلال بن عبدالعزيز الذي يساهم في تمويلها، وتعمل بنظام التعلم عن بعد في بعض الدول العربية، ونظام التعليم المسائي في دول أخرى كالكويت، لذا فقد استطاعت قبول عدد كبير من الطلبة بسبب مرونة وقت المحاضرات، وهي مبادرات مهمة لتعزيز العملية التعليمية.ومن الملاحظ ان المبادرات الثلاث توفر نموذج التعليم "غير التقليدي" والذي يوفر اختيار "التعليم عن بعد"، وبالتالي وعلى الأمد البعيد لن يسمح ذلك النظام بتوازن الطلب والعرض أي مهما ازداد عدد المتقدمين للدراسة، فإن التعليم بالنظام الجزئي والمسائي بالإضافة إلى التعلم "عن بعد" سيوفر مرونة للمؤسسات التعليمية في استيعاب العدد الأكبر من المتقدمين.أقول ذلك بعد متابعتي للمأزق "التنموي" الذي وقعت فيه الإدارة الحكومية رغم الدراسات المحلية والدولية حول تزايد عدد خريجي المرحلة الثانوية وتناسبه عكسياً مع المقاعد المتوافرة لدى "جامعة الكويت".وهنا أتساءل... هل تكمن المشكلة في "الإهمال" الحكومي تجاه مسألة حيوية؟ لا أعتقد أن العبء الأكبر يقع على وزير التعليم فحسب إنما هي قضية "هشاشة النهج التنموي" الطويل الأمد الذي كلف الدولة أموالاً طائلة وزيارات لمستشارين أجانب... وفي النهاية أصبحت النتيجة ضياع ستة شهور من مستقبل الطلبة المتفوقين... وترحيل قبولهم إلى الفصل القادم.الواقع التربوي اليوم بحاجة إلى اهتمام... ففي السابق كنا نعتقد ان المأزق "الجامعي" يكمن في أمرين: الأول، هو قرار التخلي عن التعليم المشترك الذي أحدث ازدحاما في الشعب الدراسية الممنوحة للإناث, ويقابلها "صف بو أربعة طلبة" من الذكور. الأمر الذي ساهم في "البطالة الطلابية الحالية".أما السبب الآخر، فهو التزام الجامعة بالقانون القديم الذي يشترط على الدكتور أن "يغوص" في التخصص ذاته بكالوريوس وماجستير ودكتوراه... الأمر الذي لا يتفق مع العولمة وتداخل المعلومات وتعددية التخصصات, فالجامعات اليوم تشجع التنوع في التخصصات لمواكبة التطوير والتحديث.خلاصة الموضوع ... أعيدوا التعليم المشترك واقبلوا طلبتنا حتى لا نجدهم في "ساحة الإرادة" مطالبين بإصلاح التعليم! وافتحوا مجال الإبداع في المجال البحثي والتعليمي عبر "احتواء" حملة الدكتوراه في المجالات المتعددة.
مقالات
مأزق الطلبة وأزمة التعليم
09-08-2011