عملية إيلات... من الفاعل ولماذا؟!
لو أن غير عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» محمود الزهار شكك في عملية «إيلات», التي نفذتها مجموعة غير معروفٍ انتماؤها حتى الآن وأسفرت عن قتل وجرح عدد من الإسرائيليين, لاتهم بالعمالة وبالإساءة للمقاومة وبالعمل ضد تحرير فلسطين، أما أن يأتي التشكيك في هذه العملية من هذا المسؤول الفلسطيني الذي ينتمي إلى هذه الحركة «الإسلامية» فإن هذا يصبح موقفاً وطنياً «يضع النقاط على الحروف»!في هذا التصريح قال الزهار: «حتى الآن لا نعرف من هم الذين قاموا بهذه العملية ومن أين جاءوا، وإسرائيل لم تعلن عن أسمائهم أو تقوم بنشر صورهم أو حتى صور القتلى الإسرائيليين، وذلك على عكس ما كان يجري بالنسبة لعمليات سابقة... وكذلك فإن أي فصيل فلسطيني لم يعلن عن تبنيه لما جرى».
وحقيقة وخلافاً لما قاله الدكتور الزهار، فإن حركة المقاومة الشعبيـة– قوات صلاح الدين قد أعلنت تبنيها لهذه العملية، وإن إسرائيل على لسان رئيس وزرائها ووزير دفاعها قد أعلنت أنها استهدفت قائد هذا التنظيم أبوعوض النيرب وخمسة من زملائه، وأنها اغتالت هؤلاء بغارة جوية كان من ضحاياها أيضاً وكالعادة بعض الأطفال الأبرياء الذين كانوا في المنطقة خلال هذه الغارة الإسرائيلية الإجرامية. ومع أن الدكتور الزهار لم يقل هذا وكذلك إسرائيل فإن الأرجح أن الهدف السياسي لهذه العملية, التي تعتبر ناجحة وحققت أهدافها من الناحية العسكرية, هو استغلال الظروف السياسية التي استجدت بعد انتصار ثورة الخامس والعشرين من يناير وإسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك والتي وفرت بيئة ملائمة لتنامي قوى الرفض في مصر ووفرت جرأة غير مسبوقة منذ عام 1977 للضغط في اتجاه انسحاب مصر من اتفاقيات كامب ديفيد المعروفة.ولهذا، فإن ما ستشكفه الأيام المقبلة, سواء كانت قريبة أم بعيدة, هو أن أصابع إيران وراء هذه العملية، وأن الهدف هو استغلال الظروف المستجدة لابتزاز المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية ودفعه تحت ضغط أزمة طاحنة متوقعة مع إسرائيل إلى الانسحاب من اتفاقيات كامب ديفيد، وهذا من المستبعد حصوله حتى لو أن «قوات المقاومة الشعبية», بالتنسيق مع حركة الجهاد الإسلامي, قامت بمئة عملية مثل هذه العملية.إنه غير ممكن وغير متوقع أن تنسحب مصر من اتفاقيات كامب ديفيد لا في ظل حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولا حتى في ظل حكم الإخوان المسلمين هذا على افتراض, وهذا مستبعد جداً, أنهم سيفوزون في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، وذلك لأن إلغاء هذه الاتفاقيات يعني الانتقال اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً واجتماعياً من حالة السلام التي مرَّ عليها حتى الآن أكثر من ثلاثين عاماً إلى حالة الحرب التي لها متطلبات كثيرة ليس بالإمكان توفيرها لا الآن ولا في المستقبل القريب ولا حتى بعد عشرات الأعوام.