نحن نعيش وفي قلوبنا خوف دائم من تصريحات النواب، التي باتت تقصّر الحبل يوماً بعد آخر لشنق حريتنا قريباً، فنحن بتنا أدوات وأقمشة يتم العبث بها من قبل نواب لا يمثلون الكويتيين بأي شكل من الأشكال، فهم لا يمثلون إلا أحزابهم الدينية التي جعلت منهم أدوات لبتر وسحق الحريات لدينا في الكويت.

Ad

هلّت تباشير المجلس التأزيمي الحالي منذ بدايته، فتصريحات الحشمة ومنع الاختلاط والاستمرار بالمطالبة بتغيير المادة الثانية للدستور بإصرار كلها أمور غير مطمئنة.

ولكن أن تمتد أيادي هذا الرقيب الجديد لخنق الفن في الكويت، فتلك مصيبة عظيمة، أن تراقب الفن وتفرض عليه عيون الحراس فأنت هنا تقتله.

تلقت الفنانة الكويتية المشهورة على المستوى العالمي شروق أمين طعنة الرقيب، الذي حضر متخفياً إلى معرضها ليراقب لوحاتها التي اشتكى كما قال البعض من أنها إباحية ومخلة بالآداب، ولست أذكر أنني حضرت أي معرض للرسوم في أي بلاد وتم تغطية الأجساد فيه، ومع ذلك لم تكن هناك أي تعرية لأجساد، فما عرض مقبول عالمياً ومنتشر بين كل الفنانين.

وحضر المباحث إلى المعرض بسرعة البرق، وحجزت اللوحات وبات المعرض بأكمله مهدداً بأن يُغلق، وفرضت غرامة عليه لاستضافته لوحات تلك الفنانة التي رفعت اسم الكويت عالياً على مستوى العالم.

موضوع المعرض كان «دراسة للرجل في المجتمع»، وأتوقع أن فكرة اللوحات هي ما أثارت حفيظة الرقابة، فمجتمعنا الذكوري لا يسمح بأن تعرى عيوبه حتى إن كلّف ذلك قتل الفن والثقافة في بلد عُرف بأنه مركز لهما حين كانت الكويت مقصداً لطلاب الفن والثقافة وعشاقهما.

وفي النهاية إن لم تكن من عشاق الفن، فلا شيء يجبرك على حضور تلك المعارض، ولك أنت حرية الاختيار في الذهاب من عدمه، لكن لا تمارس عليها الإجبار، فالفن لا يُفرض على أحد بل أنت من تتعنى وتذهب إليه!

أين أصبحنا اليوم، وهناك من يقترحون قانوناً للحشمة ويمنعون المعارض كيفما يشاؤون، ممارسين علينا دور أولياء الأمور، والمفترض فيهم في الواقع أن يلتفتوا إلى قضايا الفساد والتنمية بدلاً من تضييق نطاق الحريات في الكويت أكثر وأكثر.

قفلة:

أتمنى أن يتم التعامل مع القضايا المهمة التي من الممكن أن تهدم مستقبل الشباب، كعمليات تهريب وتوزيع المخدرات ومحاسبة سراق المال العام، وتلك القضايا التي نسمع عنها منذ سنوات ولم نرَ أي محاربة فعلية لها، أم أن نحر الفن بات هو الأولوية لنواب الأمة؟!