أبناء ليل؟!

نشر في 26-01-2012
آخر تحديث 26-01-2012 | 00:01
No Image Caption
 مسفر الدوسري «يحزنك المتبقي من عمر الليل، بكاسات الثملين»

هذا ما يقوله مظفر النواب، أما أنا فلا يحزنني ذلك، لا يحزنني الليل المتبقي، إنما يحزنني هذا الليل الذي يتمدد في جلباب الصباح، ويلتهمه قطعة قطعة... ينهش جسده، ويفرّق دمه على قبائل الظلام ليذهب هدرا!

يحزنني أن الليل لا يخلع جلده وإنما يغيّره فقط!

يحزنني أن البشائر تُصادر من عيون الأمنيات، ويزرع مكانها الرّمد،

نقيم الشعائر كاملة للاستسقاء من النور، ولا تصل صلواتنا سقف السماء، يقال لنا إن نوايانا لم تكن خالصة لوجه الشمس!

ويقال لنا إننا كنا على جُنب، ولم ترتد قلوبنا ما يكفي من ثياب الطهارة لتستر عورتها.

ويقال إننا لم نحفظ ما تيسّر من آيات النقاء، لتطرد شرور أنفسنا المعتمة،

ويقال لنا الكثير لدلالة على أن العيب فينا، وثمة أخطاء نرتكبها جهلا تمنع وصول تسبيحاتنا وصلوات تهجّدنا لكي تُجاب!

وثمة أصوات تحاول إقناعنا قسراً بأن ثمة خللاً عظيماً في طقوسنا التي نتّبعها.

وبرغم أن إرادتنا للحياة واضحة وقوية إلا أن الليل يأبى أن ينجلي!

هل كان «الشابّي» مخطئاً أم أننا كالعادة مخطئون؟!

الشابي ابن تونس الخضراء... «فاتحة» الربيع. هل يرى «الشابي»ماذا يحدث للربيع؟! هل يرى أن أصابع من حاكوا شال الربيع العربي طرية جدا ورخوة جدا؟!

إنهم لا يجيدون القبض على زهرة ذلك الربيع الذي افتتحوا موسمه بما ملك إيمانهم من صدق، هم فعلا لم يتعلموا من الدكتاتوريات التي ثاروا بوجهها أبجدية أحكام القبضة، أم ربما أن الممسك بزهرة أحيانا يشبه كثيرا القابض على جمرة، خصوصا إذا كانت هذه الزهرة قد ارتوت من الدماء وأرواح الشهداء، لذا لا بد لها من قبضة حديديّة تقوم بالمهمة!

قبضةٌ ترعرعت في كنف أبو لهب، وتعلمت منه الكثير وبدون أن تدري أصبحت امتدادا له، وهي التي تبادر في خطف زهرة الربيع من أيدي المساكين الذين قاموا بزراعته.

عودة للنواب بعد الشابي أقول إن المحزن ليس المتبقي من عمر الليل بكاسات الثملين، إنما ما نكتشفه على حين غرة أننا... أبناء ليل!

نكتشف أنه وعلى مر السنين والدهور من العيش في كنف الليل أنه أبونا، وأنه أنجبنا من جواريه ومحظياته، إلا أننا لم نُنسب إليه لم يعترف بنا له أبناء، ولم نعترف به لنا أبا، رغم الشبه الكثير والظاهر في ملامحنا وملامحه، كما أننا لا نختلف عنه في الطباع، نختلف معه لكننا في نهاية المطاف ظله على الأرض.

ولأننا كذلك أي أبناء ليل، قد يكون هذا تفسيراً للسؤال القاتم: لماذا يحيك رداء النور... ضرير؟!

لا يرى سوى: الليل...

أم أنه كما قيل من قبل: «الثورات: يخطط لها الأذكياء، وينفذها الشجعان، ويقطف ثمارها لا أقول الجبناء إنما أقول يقطف ثمارها... الظلام»!

back to top