سأتحدث اليوم عن نقطتين منفصلتين:
الأولى تعقيبا على ما نشرته "القبس" في صفحتها الأولى بالأمس من أن مجلس الوزراء قد طلب من ديوان الخدمة المدنية ومجلس الخدمة المدنية، إعادة النظر في الكوادر والبدلات المالية لجميع موظفي الدولة، بحيث تتواءم مع التضخم المالي، وأنه طلب من هاتين الجهتين إعداد تقرير سريع بالكوادر والبدلات، على أن تكون هناك مراجعة كل 3 أعوام لهذه الكوادر والبدلات، مؤكدا رفضه تعطيل مصالح الناس من خلال الإضرابات، لكنه في المقابل لا يقبل أن يعمل الموظفون وهم يشعرون بغبن أو ظلم، وعلى ذلك فإن الحكومة تتحرك بسرعة لحسم هذه المسألة. انتهى الخبر.هذا التوجه الحكومي الموضوعي والجميل حقا، إن هو صدق وتم تطبيقه فعلا، هو بالضبط ما طالبت به في مقال لي منذ قرابة عام ونصف على خلفية ما نشر آنذاك عن توصيات البنك الدولي، وكذلك منذ أيام قليلة على خلفية تهديد موظفي القطاع النفطي بالإضراب، وهو الذي نتجت عنه الاستجابة لمطالباتهم، ولست أستذكر الأمر الآن إلا لأبين أن المسألة ليست بذاك التعقيد، ولم تكن بحاجة لكل هذه الفترة الطويلة من الشد والجذب، وإدخال البلد في هذه الدوامة العميقة، والسلسلة غير المنتهية من الإضرابات والاعتصامات في قطاعات العمل المختلفة!هذه المسائل الإدارية يجب أن تكون بصورة عامة، بعيدة كل البعد عن المماحكات السياسية، وأن يتم النأي بها عن أن تكون محلا للضغوط النيابية أو الإعلامية وغيرها، ولو كان هذا التوجه الحكومي الذي أعلن بالأمس على صدر جريدة "القبس"، موجودا ومعلنا بشفافية ومطبقا بطريقة علمية من الأساس، لما وجدنا البلد يدخل اليوم في كل هذه المشاكل.أكتب هذه السطور وأخبار اعتصام القانونيين أمام ديوان الخدمة المدنية تصلني عبر الهاتف النقال، لذا لو كنت في موقع المسؤولية، لباشرت دون إبطاء بالتعامل مع كل الملفات العالقة والمتوقفة في هذه الموضوعات، للقانونيين ولغيرهم، ولجعلت كل تحركاتي تحت نظر ومتابعة أجهزة الإعلام حتى يعرف الناس واقع الجدية والمصداقية تجاه الأمر، وليأخذ كل ذي حق حقه!***النقطة الثانية التي سأتحدث عنها ستكون حول شأن من شؤون "تويتر"، ولعلي أكثرت من الحديث عن شبكة "تويتر" أخيرا، لكنني مع ذلك سأظل متمسكا بأهمية الحديث عن هذه الشبكات الإلكترونية لما لمسته من أثر مجتمعي حقيقي لها.يجد الكاتب أو السياسي أو المسؤول، نفسه في ورطة، أو لنقل شبه ورطة، حين يشارك في "تويتر"، فإن هو استمر بكتابة ما لديه من أفكار دون الدخول في التفاعل مع المتابعين، فسوف يتهم بالاستعلاء والتكبر، بل يبدأ البعض بتجريحه أو مشاكسته من هذا الباب، وإن هو حاول أن يتفاعل مع الجميع، وهو الأمر الصعب طبعا مع كثرة الردود، فسيجد نفسه قد دخل في حوارات مع أشكال وألوان من البشر، ممن فيهم المتعلم والمثقف والمحترم، وفيهم أيضا من هو دون ذلك بكثير، وذلك بسبب طبيعة هذه الشبكات التي لا ولن يمكن التأكد تماما من هوية المشترك فيها قبل تداول الحوار معه.الغريب المضحك، أن كل شخص من المتابعين، كائنا من كان، يعتبر نفسه على قدم وساق مع من يتحاور معه، وهذا حقه، لكن منهم من يصر في ذات الوقت على أن يظل مجهولا باسم مستعار وصورة لا تبين شخصيته وهويته، ويطلب أن يتفاعل الساسة والنواب والكتاب والمسؤولون مع تساؤلاته وتعقيباته عليهم، بل تصير المسألة أكثر غرابة حين تكون ردود البعض من هؤلاء غير مستندة إلى أي معرفة، بل خالية تماما من المنطق أحيانا.بالنسبة إلي الموضوع محسوم، فأنا لا أتردد عن حجب أي مصدر من مصادر الإزعاج، ناهيك عن التجريح والإساءة طبعا، وذلك حتى أستطيع أن أقدم ما عندي للجمهور، لأفيد وأستفيد من التفاعلات ذات الثمرة حتى إن اختلفت معي، لكنني سأظل أدرك وأتفهم تماما ما يعانيه كثير ممن أعرف عبر هذا الباب، خصوصا أن منهم، لسبب ما، من لا يزال يرفض فكرة حجب أي متابع!
مقالات
خير... وإن أتى متأخراً!
22-09-2011