ليس بالمستغرب أن تحل علينا ذكرى اليوم العالمي للشباب دون أن نسمع أو نرى أي صورة من صور الاحتفال أو الاحتفاء بهذه الشريحة التي تعتبر شريان الحياة في أي مجتمع، وفي مجتمعنا الكويتي على وجه الخصوص.
وليس بجديد أن تعود هذه المناسبة دون أن يوجد لها ذكر في الهيئات الرسمية أو حتى الأهلية، ومنها جمعيات النفع العام ولا حتى جهة الاختصاص المتمثلة بالهيئة العامة للشباب والرياضة.وقد يكون هذا اللون من التجاهل أو "الحقران" لمثل هذه الذكرى التي تصادف اليوم الثاني عشر من أغسطس، له مبرراته وأسبابه المقنعة، فأي احتفال أو مجرد الإشارة إلى يوم للشباب يفتح علينا أبواب الحرج و"الفشلة"، سواء أمام الرأي العام المحلي وفي أوساط الشباب تحديداً أو في المحافل الإقليمية والعالمية التي تعطي مثل هذه المناسبة حقها من الاهتمام والتباهي بنصرة طموحات الشباب وزرع الثقة فيهم لقيادة مجتمعاتهم، ووضع بصماتهم على القرارات المصيرية التي تهم حاضرهم ومستقبلهم.وهذه بعض المؤشرات التي يجب أن يشار إليها في هذه الذكرى، وأولها أن الفئة العمرية من تحت سن الثلاثين تشكل ما نسبته 60% من مجموع المواطنين الكويتيين، وأن شريحة من أعمارهم دون العشرين تصل نسبتهم إلى حوالي 50% أو نصف المجتمع بالتمام والكمال.وبينما نجد أن الكثير من المجتمعات الحية وحتى الواعدة قد أفسحت المجال أمام شريحة الدماء الجديدة لتولي المناصب القيادية صاحبة القرار سواء في الإدارات الوسطى أو العليا، فإننا نجد في مجتمعنا أن التجديد في الوظائف الإشرافية على مستوى مجلس الوزراء على قدم وساق، حيث تم التجديد لمنصب وكيل وزارة مساعد فأعلى لأكثر من مئتي شخصية.ومع كل احترامنا للأسماء، إلا أن العديد منها قد تجاوز سن التقاعد، بل باتت الوزارات والإدارات والهيئات التي يقبعون على أنفاسها منذ القرن الماضي إما ترسانات من الفساد المتراكم، وإما بلغت حداً من الترهل والشيخوخة المزمنة التي جرت البلاد معها نحو الرتابة والتخلف وضياع الأموال العامة، وجعلت المجتمع قمة في التآكل والتمزق الداخلي.ولو ظلت الأمور على هذه الشاكلة فحسب لكان ذلك رحمة للآلاف المؤلفة من الشباب الذين تتوقد فيهم روح الحماس والتطلع إلى المستقبل، ولكن معظم المصائب نجدها تنزل على رؤوس هذه الكوكبة سواء بعدم توافر التعليم لهم أو الانتظار حتى بدايات سن الشيخوخة للحصول على سكن يأويهم وعوائلهم، أو الانتظار لسنوات لحين الحصول على وظيفة مناسبة.والأخطر على الإطلاق هو محاولة تجنيد هؤلاء الشباب في صراعات حزبية ومصلحية وفئوية وطائفية، ودفعهم إلى الواجهة في أتون مثل هذه التصفيات التي لا تخدم في النهاية إلا مجموعة من "الشياب" ليبقوا في مراكزهم "القيادية"، ويظفروا بما لذّ وطاب من القدسية والوجاهة، في حين أن هذه المجاميع تذوب في عالم النسيان ليتم تجنيد غيرهم لمرحلة قادمة.ولكن يكفي أن أهم شعار يرتفع في بلدنا في كل مناسبة أن الشباب هم سواعد الغد وهم أمل المستقبل، إلا في اليوم العالمي للشباب فلا شعار ولا هم يحزنون!
مقالات
اليوم العالمي لـ الشيّاب !
12-08-2011