قبل أكثر من 130 سنة نشأت هذه الشركة بفكرة إبداعية وتقنيات متطورة (في ذلك الوقت) ونمطية سهلة التداول، وطبعا فتحت السوق ذراعيها مهللة ومستقبلة... سيطرت لمدة تزيد على 70 سنة ولم تجد لها من منافس. تربعت على عرش التصوير الفوتوغرافي وبالتالي جلس حكامها على تل من الثروة، لدرجة أنه في فترة السبعينيات كانت "كوداك" تسيطر على أكثر من 85% من سوق الكاميرات والأفلام في العالم. وأخيرا استراح المسؤولون واطمأن المهندسون وأغلقوا "باب الاجتهاد" و"كل شيء على ما يرام"، و"محد حولنا". وكعادة اليابانيين "الخبثاء" في تقليد كل ما هو أميركي بدؤوا بتصنيع جهاز تصوير مشابه لـ"كوداك" وسموه "فوجي"... وخلال أقل من 20 سنة من بداية هذه الشركة "التقليد" استطاعت الاستحواذ على دعاية الألعاب الأولمبية في أميركا.

Ad

كانت تلك أول ضربة تتعرض لها عائلة "كوداك"، وتخيلوا أن رد الفعل لم يذهب إلى تطوير منتجهم، بل ذهبوا إلى القضاء لمنع "فوجي" من السوق الأميركي، لكنها تلقت لطمة أخرى من القضاء الأميركي النزيه برفض الدعوى. لم تفطن "كوداك" للتحولات التكنولوجية والثورات الإلكترونية حولها وبالقرب منها، فعلى بعد بضعة كيلومترات قليلة تم اختراع التصوير الرقمي وتطويره بشكل مذهل، وكوداك "نايمة" وعاجزة عن اللحاق بشقيقاتها التي بدأت بعدها. انخفضت مبيعات "كوداك" بأكثر من مليار دولار في بداية الألفية الثالثة، فقرع جرس الإنذار لدى الملاك، ففزعوا إلى أسهل الطرق... تسريح 27 ألف عامل، وقاموا بالتفريط بأعز ما يملكون، فلم يحافظوا على تماسك الشركة الهيكلي ولم يحترموا قدرات شعب "كوداك" المخلص، وكان فريقهم الاستشاري هو صاحب الفكرة، ولم يفكر في حل مشكلة التنافسية والتطور التكنولوجي. "كوداك" الآن تتهاوى وتطالب بالحماية القضائية بعد إعلان إفلاسها... وتسعى بعض الشركات "العملاقة" المجاورة إلى الاستحواذ عليها.

قبل أن ننهي... إن من أكبر أسباب تدهور "كوداك" وسقوطها هو عدم مصداقية فريق البحث والاستشارات، وعدم وعي "الملاك" وسذاجة تفكيرهم وسماحهم "بتمزيق" النسيج الداخلي لدولة "كوداك" التي سادت... ثم بادت.