جلست أتصفح المقالات التي كتبتها خلال الأعوام الأربعة الماضية من عمر جريدة «الجريدة»، والتي أتمت عامها الرابع منذ أيام، بنجاح جميل، فوجدت أني قضيت أغلب هذه المدة في «تعاطي» المقالات السياسية، و»معاقرة» الموضوعات السياسية بلا هوادة، واليوم أتذكر بأني كنت في وقت من الأوقات أظن أني قد «أدمنت» هذا الأمر، وأنه لن يكون لي فكاك من الشأن السياسي، بعدما شعرت أنه صار يجري مني مجرى الدم.
كنت وصلت إلى تلك القناعة، بالرغم من أني كنت أجيد تناول الموضوعات الأخرى، أعني الموضوعات غير السياسية، ولي كتابات فيها، سواء هنا في زاويتي هذه في جريدة «الجريدة»، أو في مطبوعات أخرى، أو من خلال موقعي على الإنترنت، إلا أن هذه المعادلة تغيرت، بل أكاد أقول انقلبت، مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص «تويتر»، وهي التي فتحت لي أفقا كبيرا مترامياً جدا، وأعني بالأفق هنا، الشريحة الجماهيرية التي أخاطبها من خلال ما أكتب.في السنوات الأولى من كتابتي في جريدة «الجريدة»، وبالطبع في كل السنوات التي سبقت من عمري الصحفي في جريدتي «الراي» و«الوطن»، كانت شريحة قرائي محصورة في الأغلب بمن يقرؤون المطبوعة، ومن يتصفحون موقع الصحيفة الإلكتروني، وبالتالي كانت الشريحة، بطبيعة الحال، منحصرة بالكويتيين من المهتمين غالبا بالشأن السياسي المحلي، ولهذا، بالإضافة إلى قربي من خلال واقع الممارسة والنشاط اليومي من العمل السياسي، كنت أركز في مقالاتي على تناول الموضوعات السياسية، لكن الوضع تغير تماما اليوم، بعدما صرت أنشر رابط مقالاتي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، الـ»فيس بوك وتويتر»، فقد اتسعت شريحة قرائي بشكل كبير جدا، وما عاد الكويتيون المهتمون بالشأن السياسي المحلي فحسب يشكلون النسبة الكبرى، بل صار معهم نوعيات أخرى من القراء ممن لا يهتمون بهذا الشأن، سواء من الكويتيين أو من غيرهم، وانفتحت أمامي الأبواب لمخاطبة شرائح أكثر تنوعا في الاهتمامات، مما جعلني أتجه في الأشهر الأخيرة، وأميل بسعادة غامرة نحو الكتابة عن موضوعات جديدة متجددة بعيدة كل البعد عن الشأن، والهم السياسي.وسأعترف كذلك، بأني أرى الموضوع السياسي المحلي، وقد صار مشبعا، في الكويت اليوم، إلى حد كبير، وما عاد فيه مجال، بالنسبة إليّ على الأقل، لمزيد من الكتابة المتميزة نوعيا والتي يمكن أن يقال إنها قدمت شيئا جديدا، اللهم إلا كتابات ردود الفعل، وانبعاثات اللحظة السريعة، للتعليق على الحدث الطارئ، أو لتناول مقطع صغير من المشهد، سواء للرد على هذا السياسي، من الحكومة أو البرلمان، أو للتعليق على هذه المسألة الجانبية أو تلك، وهو ما فقدت الاهتمام به والحماس لتعاطيه، خصوصا أن أغلبية الزملاء الكتاب في صحافتنا المحلية، ممتزجة حتى النخاع في هذا الأمر.وعلى أي حال، وسواء راق لكم، أو لبعضكم ربما، ما قلت أعلاه أو لم يرق، أعتقد أننا يجب أن نتفق على أن مقالات الصحف، يجب أن تظل تقدم بأشكال وألوان ومذاقات مختلفة، وفقا لهوى ومزاج من يكتبونها، وهم الذين يسعون من خلالها إلى مخاطبة شرائح يقصدونها من القراء، وأنا اليوم أشعر براحة كبيرة بحجم ونوعية شريحة القراء التي تتابع ما أكتب من مقالات، أحرص على تنويعها ما بين الشأن السياسي، والذي أحاول ألا أتناوله لمجرد التناول أو لمجرد أن أقول أنا هنا، وكذلك مقالاتي في الشؤون الأخرى، وبالأخص في الشأن الإنساني التطويري التنموي، وإن كان هناك من كلمة يجب أن تقال عند هذه النقطة من هذا المقال اليوم فهي: شكرا جزيلا لكل قرائي، مرآتي الصادقة دوما... شكرا، شكرا.كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
ما بين المقال السياسي... وغيره!
09-06-2011