إن المراقب والمتتبع لمنهج عمل الحكومة ككل يجد نفسه محبطاً وغير متفائل بأن تشهد الكويت هذه النقلة التنموية، حيث إن الحكومة مازالت تسير على مبدأ «الترقيع» والحلول المؤقتة والإنفاق في اتجاهات ومجالات متناقضة، وكثير منها غير ملح.

Ad

في رسالة وصلتني من الأخ خالد الطراح حول مواضع الخلل والتطورات الاقتصادية وجدت نفسي أمام موضوع في غاية الأهمية؛ سبق أن تناولته في عدة مقالات لكن "بو فواز" أثار انتباهي لعدة نقاط: منها ما تفضل به حضرة صاحب السمو أمير البلاد- حفظه الله ورعاه- مشكوراً بافتتاح أعمال اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية قبل أيام، حيث وجه كلمة بهذه المناسبة تتضمن عدة محاور ومضامين في غاية الأهمية.

هذه الرسالة الرئيسة التي حملتها كلمة صاحب السمو تنحصر في ضرورة استعجال الإصلاح الاقتصادي ومعالجة (الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني التي تحولت إلى عبء يهدد مستقبل البلاد وتنفيذ برامج والتزامات الدولة المالية)، كما حملت الكلمة السامية تحذيراً مباشراً من مغبة التباطؤ والتهاون في تصحيح مسار الموازنة العامة، وتفعيل دور القطاع الخاص في تحمل مسؤولياته.

وهنا لا بد من الرجوع بالذاكرة إلى اهتمامات وحرص صاحب السمو في الجانب الاقتصادي، ودعم إصلاح المسار الاقتصادي والتنموي منذ أن كان نائبا أول لرئيس الوزراء، وكذلك حين تسلم رئاسة الحكومة، حيث قام بجولات عديدة ومنها إلى آسيا وتحديداً ما يعرف بنمور آسيا والتي أسفرت عن العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين الكويت ودول آسيوية عديدة، وأسفرت الجولة أيضاً عن ولادة شراكة صينية–كويتية إلى جانب إطلاق مشروع تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي.

لا شك أن هذه المشاريع والجولات والتوجيهات السامية على الصعيد المالي والاقتصادي تعبر عن حرص صاحب السمو في تحقيق نقله تنموية نوعية عاجلة في الكويت؛ لتنتشل البلاد من حالة التراجع والجمود التي تعانيها البلاد في السنوات الأخيرة.

إلا أن المراقب والمتتبع لمنهج عمل الحكومة ككل يجد نفسه محبطاً وغير متفائل بأن تشهد الكويت هذه النقلة التنموية، حيث إن الحكومة مازالت تسير على مبدأ "الترقيع" والحلول المؤقتة والإنفاق في اتجاهات ومجالات متناقضة، وكثير منها غير ملح.

فالاعتمادات الإضافية في الميزانية مكررة وبصورة متطابقة، ولعل آخرها الاعتماد الإضافي لسد الاحتياجات التعليمية بسبب أزمة الطلبة غير المقبولين في جامعة الكويت بينما لو كانت هناك رؤية استراتيجية سواء في المجال الاقتصادي أو التعليمي لما آلت إليه الأمور إلى الحلول المؤقتة والترقيعية.

وإلى جانب غياب الرؤية ثمة تناقض صارخ لدى الحكومة في التعيينات القيادية في الجهات التي يفترض أن يعاد النظر في هيكلها كوزارة الإعلام التي كثيراً ما سمعنا أن الحكومة بصدد إعادة هيكلتها أو إلغائها.

هذه الأمثلة وغيرها ستكون مقدمة لمجموعة من المقالات التي سنقوم بكتابتها بعد العيد مباشرة للوقوف على بعض تلك الاختلالات التي أدت إلى خلل وترهل في المنظومة الإدارية والاقتصادية والتي أوقفت وأعطبت عجلة التنمية.

أخيراً: مبروك للشعب الليبي هذا الانتصار العظيم بعد تحملهم سنوات طوال من الظلم والقهر,

فألف مبروك

وعيدكم مبارك.

ودمتم سالمين