في حرارة شديدة تناهز الخمسين درجة مئوية، وفي مناخ صحراوي قاس، نرى أثناء مرورنا في الطريق، عمالا يشتغلون وسط هذه الظروف القاسية لا سيما في رمضان "أعانهم الله"، حيث يمددون الكيبلات الكهربائية ويضعون تمديدات الصرف الصحي تحت الأرض وغيرها من أعمال إنشائية ومعمارية كثيرة.

Ad

فهم يبذلون من عرقهم وجهدهم وصحتهم الكثير من أجل أن يكسبوا "لقمة عيش" بسيطة في أغلب الأحيان، ومن خلال عملهم الشاق، ومجهودهم المضني، نعيش من فضل الله، بخير عيش وميسور حال.

هم يعملون، ونحن نقطف ثمرة عملهم، من خلال تمتعنا بالكهرباء ولوازم المعيشة الفارهة، لذلك فنحن في نعمة كبيرة، لا يعرفها إلا من فقدها، ندعو الله جلت قدرته أن يديمها علينا.

قبل مدة شاهدت برنامجا في إحدى القنوات الفضائية يظهر فيه أحد الشيوخ الكرام، وهو عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية يستقبل أسئلة المشاهدين، ولفت انتباهي سؤال يشكو فيه السائل من العمالة الوافدة بأن جلهم يأتي ورائحة العرق تفوح منهم لأنهم عائدون للتو من أعمالهم، فهل يجوز أن تخصص مساجد لهم؟

فكان رد الشيخ بالنفي، كي نتذكر أن الله عز وجل منحنا النعمة والرفاهية، ويجب أن نحسن إليهم ونكرمهم تقربا إلى الله، فآباؤنا وأجدادنا كانوا مثلهم كادحين في سبيل العيش إلى أن أفاء الله علينا بتلك النعم التي ننعم بها، ويجب علينا إن رأينا مثل هؤلاء العمالة أن نتذكر نعمة الله علينا فنشكره شكرا جزيلا ونجتهد في طاعته.

فهذه النعمة تستوجب منا الاستعمال الجيد لمرافق البلد أو مرافق منازلنا من موارد طاقة كالكهرباء، ومن تيسير استعمال الماء والمحافظة عليه، فالكويت أمانة في أعناقنا جميعا حكاما ومحكومين.

ونحن في هذا الجو الحار تحضرني قصة سمعتها عن حضور بعض البدو، قبل سنين طويلة، إلى منزل أحد الوجهاء من أهل الكويت، ولم يكونوا وقتها قد عرفوا التكييف، فلما جلسوا في "الديوانية"، فوجئوا وكان الوقت ظهرا بهواء التكييف البارد يغطي الديوانية رغم أنهم كانوا في شهر يوليو، واستأنسوا هذا "البراد" وتعجبوا منه، حيث إنهم يفتقدونه في صحرائهم اللاهبة.

ولما عادوا إلى منازلهم في صحراء الكويت أخذوا يتندرون بما رأوه من غرفة باردة في عز "القيظ"! حتى انتشرت كلمة كانوا يتداولونها، وهي "قطعة من الشتاء"، أي أنهم كانوا في ضيافة من استضافهم في "قطعة من الشتاء"!