يتوقع كثيرون أن التغييرات التي ستحدث في المجلس المقبل ستكون كبيرة، بعضهم قدرها بسبعين في المئة، وأرجعوا ذلك إلى الثورة العارمة على أداء الأعضاء السابقين، ومطالبة الناس بحل المجلس بعد أن انحدر مستوى الحوار فيه، وتكشفت فضائح بعض الأعضاء بعد أن سقطت عنهم أوراق التوت وظهروا أمام الناس على حقيقتهم التي حاولوا إخفاءها بشتى الطرق، لكني وبعد متابعة قريبة لما يدور في الساحة الانتخابية لا أذهب إلى ما ذهبوا إليه، ولا أتوقع أن تحدث تغييرات غير عادية، فالمجلس القادم لن يكون استثناءً عن بقية المجالس السابقة، وهذه الانتخابات لا تختلف كثيراً عن سابقاتها، ولن تتعدى نسبة التغيير الخمسين في المئة إن لم تكن أقل منها. وسيعود الأعضاء السابقون بنفس قناعاتهم وبنفس منهاجهم وطريقتهم السابقة، وسيعود الناخبون إلى بيوتهم ليمارسوا التذمر المعتاد بعد أن كرروا انتخابهم المعتاد واختاروا بناءً على أساس "تكفى، وطلبتك، ونخيتك". *** العملية الانتخابية، عملية مركبة ومعقدة وليست عملية بسيطة يستطيع الإنسان أن يمارسها بحرية مطلقة، تتدخل فيها عناصر كثيرة أغلبها اجتماعي يغلب عليه الموروث من العادات التي تربى عليها الناخب ولا يستطيع أن يتحرر منها، كما أن القرار الانتخابي غالباً ما يتأثر بما حوله، فهو قرار أقرب إلى الجماعة منه إلى الفرد، فالجماعة التي حولك في البيت أو الديوانية أو مكان العمل، أو الأسرة الأكبر أو القبيلة أو الطائفة، لها تأثير كبير على قرارك وتوجهك عندما تدلي بصوتك، فقرارك بالنهاية مرتبط ومتأثر وبشكل كبير بمن حولك، لذلك يجد كثير من الناس أنفسهم منساقين إلى أسماء كانوا ينتقدونهم أشد الانتقاد، ويهاجمون أداءهم بشدة، لكنهم لا يجدون مفراً من إعادة اختيارهم رغم رأيهم المعلن فيهم، ويدخل أيضاً في عوامل التأثير الآلة الإعلامية ودورها المؤثر في تغيير القناعات وتوجيه الأصوات، لذلك كله أعيد القول إن العملية الانتخابية أكثر تعقيداً من كونها توجهاً إلى الصندوق وإلقاء ورقة فيه، وعلى من يريد تغيير الوجوه في المجلس أن يتوجه أولاً إلى تغيير عادات الناس ومراكز التأثير الاجتماعية، مستعيناً بآلة الإعلام الساحرة وبدون ذلك فلن يحدث التغيير الكبير في وجوه أعضاء المجلس ولا طريقة أدائهم، والله يعين الحكومة القادمة في تعاملها مع المجلس الجديد.
Ad