أريد التأكيد على نقطة مهمة: وهي أننا نتفق جميعا على دور جهاز الأمن على حفظ وضبط الاستقرار، ولسنا ننكر ضرورة وجود أعضائه في أماكن تجمهر الشباب في ساحة الإرادة التي تكررت غير مرة، لكننا نبدي موقفا بالقول إن إقحام أفراد الشرطة في مشكلات سياسية بالأصل يؤدي بالضرورة الى كراهية الناس لأبنائنا العسكريين.

Ad

أول العمود:

حملات بعض المرشحين الانتخابية تبدأ أحياناً في النيابة أو أمن الدولة!

***

في كل مرة يفشل السياسيون في تثبيت حل لمشكلات المجتمع تكون النتيجة زج قوى الأمن في الواجهة، هكذا أرى المسألة هنا في الكويت، فحينما فشلت العلاقة بين المجلس والحكومة وتنادى الناس لـ"دواوين الاثنين" قبيل الغزو العراقي، حدث أن قُمعت بالقوة واستُخدمت خراطيم المياه الحارة لترهيب الجمهور في تجمع الفروانية بديوان النائب السابق عباس مناور.

وبالتالي استُخدمت القوة لمواجهة الانتخابات الفرعية في الدائرة الانتخابية الرابعة في الانتخابات الفائتة، ثم استُخدمت القوة الأمنية لتفريق تجمع ديوان النائب السابق د. جمعان الحربش.

ومنذ بدء التحركات الشبابية المطالبة بالتغيير الذي تحقق بحكمة سمو الأمير تم إقحام جهاز الأمن لأكثر من مرة للتصدي عنوة لشأن سياسي بحت، وهو مكافحة الفساد الذي طوره الشباب إلى طلب جديد وهو تغيير رئيس الوزارة، وكان لهم ما أرادوا، وقبل يومين كانت مواجهة التظاهرة السلمية لنفر من فئة غير محددي الجنسية أو "البدون" خرجوا فقط ليقولوا: "إننا بدون ونريد حلاً".

هنا أريد التأكيد على نقطة مهمة: وهي أننا نتفق جميعا على دور جهاز الأمن على حفظ وضبط الاستقرار، ولسنا ننكر ضرورة وجود أعضائه في أماكن تجمهر الشباب في ساحة الإرادة التي تكررت غير مرة، لكننا نبدي موقفا بالقول إن إقحام أفراد الشرطة في مشكلات سياسية بالأصل يؤدي بالضرورة الى كراهية الناس لأبنائنا العسكريين، ومن دون مبرر سوى فشل أفراد السلطتين في إيجاد حلول لمشكلاتنا المفتعلة التي يجد فيها الشرطي المسكين نفسه مطالباً بمقاومة تجمعات الناس العفوية هنا وهناك، مما يشكل إنهاكا لهم وبعثرة لجهودهم.

لو كنت شرطياً وطلب مني أن أفض تجمعاً لـ"البدون" فحتما سأتساءل: لماذا لم توجد الحكومات المتعاقبة حلاً لهذه المشكلة طوال 40 عاماً؟ ولماذا يطلب مني أن أكون جزءاً من موضوع سياسي بحت؟

ولو كنت شرطياً وطلب مني استخدام القوة لفض تجمع ديوان النائب الحربش" فحتما سأتساءل: لماذا لم تقم السلطتان بواجبهما التشريعي لتفعيل قانون جديد للتجمعات بعد إسقاط المحكمة الدستورية للقانون السابق لعدم دستوريته، وعدم توريط القوات الخاصة في مسألة تشريعية بحته تم اختزالها بالقول إن سقوط البعض على الأرض كان بفعل "الرصيف"!

الجهاز الأمني في بلدي أُنهك بما فيه الكفاية؛ خصوصاً في السنوات الثماني الأخيرة، وبات لزاماً على السياسيين القيام بدورهم لحل مشكلات أكل عليها الدهر وشرب.