العربي يشرح للمعلم معنى الشبيحة !
هذا نظام قرر أن يعاقب شعبه لأنه تجرأ واحتج وطالب بالإصلاح المؤجل 4 عقود، بذريعة أنه نظام يمثل المقاومة ولا صوت يعلو صوتها! تحت هذا الشعار الزائف سجن النظام شعبه وحرمه من أي نسمة للحرية أو أمل في الديمقراطية، وسلط عليه أجهزته الأمنية فتحولت سورية إلى سجن كبير فقد الناس فيه أبسط مقومات الحياة الكريمة، وأصبح الجهاز الأمني الحاكم بأمره، أوامره لا معقب عليها، وأصبح النظام محكوماً به عاجزاً عن التعامل السياسي مع الأزمات الداخلية، لا يعرف إلا لغة وحيدة هي القمع والقتل والتعذيب!وزاد بلاء النظام على شعبه، إذ حرمه التفاعل الصحي مع معطيات الحضارة باسم شعار آخر زائف هو أنه يمثل قلب العروبة وحصنها الحصين، باسم هذا الشعار تم طرد الحضارة الحديثة وكل ما يتصل بها من سورية، ومنها اللغات الأجنبية، وهذا أفدح ما نكبت به سورية طبقاً لجهاد فاضل، لا يعادي الحضارة الحديثة إلا كل نظام استبدادي فاشي، إذا كان النظام السوري هذه طبيعته ورؤيته وأفقه السياسي فماذا ينتظر العرب منه، وعلى ماذا يعولون، وعلى أي شيء يراهنون؟!
ماذا يأملون من نظام صمم على سحق أي تحرك شعبي بالقوة الباطشة؟ آلة القتل تعمل بكل طاقتها والعشرات يتساقطون يومياً في المدن السورية، وهم يستجيرون ويستغيثون بالعرب والمسلمين والعالم أجمعين، والجامعة وأمينها مازالا يأملان توقيع النظام البروتوكول! ولا يمل العربي من ترداد قوله للمعلم: توقيعكم يمنح الفرصة لحل الأزمة عربياً! وكأن القضية قضية توقيع لا مصير شعب يقتل وينكل به يومياً! ما قيمة هذا التوقيع، ومنذ متى احترم هذا النظام توقيعه؟! ألم يوقع عشرات المرات عهوداً ومواثيق ثم عمل على إفراغها من مضامينها لتتحول إلى إجراءات شكلية لم تحل أي قضية؟! ألا يدرك الأمين العام أن النظام يلعب لعبته المعروفة في شراء الوقت لمزيد من التنكيل بشعبه؟ من يتصور التزام النظام بتوقيعه فهو إما واهم أو ساذج!هل يتصور العرب وأمينهم العام أن النظام سيتوقف عن القمع بوجود المراقبين؟ لا يمكن لمثل هذا النظام، الذي ربط مصيره بمصير الجهاز الأمني، أن يتوقف عن القتل وإلا سقط بفعل الزلزال البشري الذي يهز الأرض من تحته، ما جدوى المراقبين في نظام يصرح رئيسه للمحطة الأميركية بأن كل تصرف وحشي من الجيش والأمن كان فردياً لا مؤسسياً؟! هل يمنع المراقبون جرائم "الشبيحة" بالمتظاهرين؟ سيتبرأ الرئيس الأسد غداً كما يتبرأ اليوم فيقول: لم أصدر أمراً بالقتل وقوات الأمن تابعة للحكومة وليست تابعة لي، أنا لا أملكهم أنا الرئيس ولا أملك البلاد ولذا فهي ليست قواتي، فماذا تفعل الجامعة وقد تنصل رئيس النظام عن المسؤولية؟! هل تطارد الجامعة عصابات "الشبيحة"؟ ألم يقل قائد عربي هالك أنا القائد الرمز ولا سلطة لي على الشعب الذي يطارد المعارضين الجرذان؟ لقد كان لافتاً رد فعل الشعب السوري على تصريحات رئيسه، إذ حملت اللافتات عبارة: "الشبيح الأكبر تخلى عنكم يا شبيحة"! يحار المرء في دوافع وأهداف الجامعة من توقيع النظام البروتوكول وإرسال المراقبين؟ ماذا يفعل المراقبون، هل بوسعهم حماية الشعب أم الوقوف أمام آلة القتل، وهل يغني وجودهم شيئاً للشعب الذي تخلى نظامه عن مسؤولية جرائم الشبيحة؟ يقولون: لتقييم الأوضاع والرصد والاطلاع! حسناً: هل الجامعة في شك من أمرها؟ ألم تطلع على حقيقة الأوضاع؟ ألم تسمع صرخات القتلى وأنات الجرحى والمعذبين على امتداد 9 أشهر من القتل والتعذيب؟ ألم يتناه إليها ما يفعله النظام بشعبه؟ ألم تطلع الجامعة على التقارير الدولية التي رصدت جرائم ضد الإنسانية من أبرزها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي قابلت 223 ضحية وشاهداً عياناً، ورصدت قائمة بالجرائم التي تشمل القتل والتعذيب والاغتصاب والإعدامات من دون محاكمة وإخفاءات قسرية وأعمال تعذيب اقترن بعضها بأعمال عنف جنسية وانتهاكات للأطفال؟!إلى متى تستمر الجامعة في لعبة سياسة إهدار الوقت، وهي لعبة يجيدها النظام السوري عبر إدخالها في متاهات الشروط المتبادلة والجدل بشأن السيادة وعمل المراقبين والاستفسارات والاستيضاحات ثم المزيد من التساؤلات، وكل ذلك بهدف التغافل عن الهدف الأساسي وهو وقف آلة القتل؟ دمشق تلعب لعبتها المعروفة مع الجامعة وتستدرج أمينها العام ليشرح لها معنى "الشبيحة"! لقد بعث المعلم برسالة يتساءل فيها بكل خفة ظل: ما المقصود بـ"الشبيحة"؟! وانطلت اللعبة على الأمين العام فاستجمع جهده وبعث برسالة شارحة للمعلم يقول فيها بكل أدب واحترام: وفي ما يتعلق بعصابات "الشبيحة" فكما تعلمون فإن المقصود هو كل من يحمل السلاح بصورة غير شرعية مدعوماً من جهات رسمية بهدف ترويع المدنيين المشاركين في المظاهرات السلمية أو الاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم الخاصة، لماذا يهدر الأمين العام وقته بهذا العمل العبثي الذي هدفه تمييع القضية وإطالة الأزمة وكسب الوقت؟ وفات الأمين العام أن يضمن رسالته بمراجع معتمدة لمزيد من الشرح والتوضيح لنظام "الشبيحة"، وهو ما تكفل به نشطاء المعارضة الذين تندروا على هذا السؤال، وأضافوا أن "التشبيح صار نظاماً متكاملاً داخل النظام، بل إن بقاء الحكم أصبح مرهوناً بنشاط الشبيحة وقدرتهم على قمع الناس، إذ إن أعداد الجنود ورجال الأمن لا تكفي لضبط التمرد في المحافظات كلها، ولذلك فتح النظام باب التطوع على مصراعيه للموالين للنظام وتسليح الحزبيين البعثيين، مما رفع عددهم بشكل كبير بحيث يصعب إعطاء رقم تقريبي عن حجمهم، وهم رجال مدنيون متنفذون مرتبطون بشكل أساسي بعائلة الأسد يحملون السلاح ويعملون في شتى أنواع التهريب، وليست لهم وظائف رسمية، و"الشبيح" الصغير يتقاضى 40 دولاراً يوم الجمعة و10 دولارات خلال أيام الأسبوع، ومن حق "الشبيح" أن يحتفظ بأسيره ويفاوض عليه أهله، مهدداً بتسليمه للأمن إن لم يدفعوا المبلغ المطلوب، أكتب هذه المقالة قبل اجتماع اللجنة الوزارية في الدوحة للرد على الشعوب السورية، وأتمنى ألا تنخدع بالمناورة السورية التي نجحت عبر سياسة اللحظة الأخيرة في تحويل قضية شعب يقتل يومياً إلى قضية توقيع، وأتصور أنه خطأ سياسي وأخلاقي كبير إذا وافقت اللجنة على أن مجرد توقيع النظام يضمن وقف العقوبات العربية كافة ضده، وهو أمر تسعى إليه سورية والعراق عبر اللعبة المعروفة في رفض المهل المتتالية ثم قبولها ثم العمل على تفريغها، القضية اليوم بعد انتهاء المهل العربية قضية وقف القتل لا مجرد التوقيع، وعلى الجامعة أن تحترم قراراتها ومهلها، وتوقيع سورية بعد المهل المحددة لن يعفيها من العقوبات، بل يجب ربط تعليق العقوبات بما يحصل على الأرض من وقف آلة القتل فعلياً، هذا إذا أرادت الجامعة ألا تفقد البقية الباقية من مصداقيتها لدى الجماهير العربية ولدى المجتمع الدولي.* كاتب قطري