• أحزنني خبر وفاة الكاتبة طيبة الإبراهيم التي فقدها الوسط الثقافي الكويتي قبل نهاية عام 2011 بأيام. كانت طيبة الإبراهيم من الشخصيات التي حاولت أن تجد لكتاباتها مكاناً بعنوان خاص، واختارت كتابة رواية الخيال العلمي، وهي رواية لها مكانة خاصة في الأدب العالمي على النقيض من الأدب العربي الذي لم يقدم لهذه الرواية ما تستحقه من اهتمام، وهو موضوع سنتركه لتفصيل قادم. للفقيدة الرحمة ولذويها الصبر والسلوان.

Ad

عام 2011 يمضي ولكنه هذه المرة مختلف عن أعوام سابقة، وفيه الكثير من المستجدات المهمة على الصعيدين العربي والمحلي، نتوقع أنها تسير نحو الأفضل حين خرج المواطن البسيط من معطف الخوف، وخرج الصوت عن حوائط الصمت الذي أحاطت به منذ تأسيس الكيانات العربية وسطوة العسكر والرتب والنياشين التي اكتسبها القادة نتيجة انتصارات وهمية ومعارك لم يدخلوها.

عام 2011 أخرج العربي من عصر الاستلاب السياسي إلى الانعتاق، ومن تلقي الفعل إلى إنجاز الفعل. والمسمى الذي أفضل أن نطلقه على عام الربيع هذا هو عام النهضة السياسية. وهو عام سيترك أثرا ثقافيا وعلميا حين يرتاح المواطن من هم السياسة وهمومها، ويتركها للسياسيين الذين ينتخبهم ويقيّم أداءهم كل دورة انتخابية. يتفرغ المواطن بعدها لممارسة الحياة بكل أشكالها.

عام 2011 هو بداية الخروج من رحم الحلم الى فضاء الواقع. وهو أول خطوة في طريق العمل نحو استقرار الأوضاع السياسية.  والأعوام التي ستأتي بعده حبلى بالكثير من الأحداث والعمل الجماهيري الشاق لنصل إلى حالة الاستقرار. للكثير من المتشائمين يمثل هذا العام عام الفوضى والاضطراب، ولكثير من المتفائلين هو عام الفوضى الخلاقة والمنتجة، فلا يمكن للحركات الشعبية أن تأتي بنتائج فورية مباشرة بعد انتهاء وضع ساد لعقود طويلة. ولكن الأكثر بعثا على التفاؤل هو القوة الكامنة في العنصر البشري التي يمكن أن تنطلق في وجه أي اختلال ممكن في القادم من الأعوام. لقد كانت الأزمة في ما مضى بين المثقف المحكوم والعسكر الحاكم، ومعهم المثقف الذي يحمل قلما في جيبه ومسدسا في وسطه في ظل الصمت الشعبي لما يحدث. ودفع كثير من المثقفين أجمل أيامهم في المعتقل العسكري، وخرج بعضهم وفي صفحته البيضاء تهم الخيانة والعمالة وسيل من التهم الأخرى أصغرها يكفي لإعدامه.

عام 2011 لم يكن عام المنجز الثقافي بل على العكس هو عام الصراع بين الثقافة السلطوية وثقافة الحرية، وفي جو مضطرب كهذا قل الإنجاز الإبداعي فما يكتبه الشارع العربي بصوته ودمه أكبر من كتابة المثقف أيا كانت. ولكنه هذا العام سيكون البذرة الكبرى في الحصاد الثقافي القادم، الذي نتوقع أن يخرج شكلا ثقافيا مغايرا للسائد وإبداعا حرا يليق بربيع التغيير السياسي الكبير.

عام 2011 يغادرنا تاركا مساحة كبرى من الأمل في أهم بلدان القرار السياسي وعواصم الثقافة العربية. سنكون من المتفائلين لنرى دماء الشهداء كتبت تاريخا نهضويا جديدا. سنكون من المتفائلين لنرى المواطن يتحدث في كل شيء إلا السياسة التي أرهقتنا وأزعجتنا دون أن نرى طرقا للخلاص منها. وأن يكون الحديث فيها يوما واحدا كل أربع سنوات نختار فيه من يمثلنا للحديث فيها نيابة عنا، ثم نعود الى أعمالنا وشؤوننا الخاصة. إذا لم يحقق لنا ربيع 2011 ذلك فعلينا أن نبحث عن ربيع جديد تكون غايته القضاء على السياسة.