كل سنة و أنا طيب

نشر في 14-10-2011
آخر تحديث 14-10-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. محمد لطفـي "عدت يا يوم مولدي

عدت يا أيها الشقي

الصبا ضاع من يدي

وغزا الشيب مفرقي

ليت يا يوم مولدي

كنت يوم بلا غــد

أنا عمر بلا شــباب

وحياة بلا ربيــع

أشتري الحب بالعذاب

أشتريه فمن يبيــع؟"

طلبت مني ابنتي وردتي العطرة وزهرتي الجميلة أن أكتب بعد عدة مقالات مقالا بعيدا عن السياسة، فهي تكره الساسة والسياسة، وساس ويسوس والألف والسين؛ علماً أن اسمها يبدأ بالسين وتتوسطه الألف!!

وباعتبار هذا الأسبوع ذكرى يوم مولدي، فقد كان شعر الراحل الكبير كامل الشناوي على رأس المقال هو ما جال في خاطري كفكرة أحقق بها رغبة ابنتي، وأبتعد عن مشاكل السياسة وهمومها.

يقول الأطباء إن صرخة المولود الأولى هي صرخة دخول الهواء إلى رئتيه، وسماعها يطمئن الطبيب بنسبة كبيرة على صحة المولود وسلامته، وهي أجمل لحن وأعذب صوت تسمعه الوالدة فتعلو البسمة ثغرها وتملأ الفرحة وجهها وتترقرق السعادة دموعا في عينها، ورغم آلام المخاض العسير وصرخات الولادة العالية فإن صرخة المولود لها في قلب كل أم ذكرى غالية لا تنسى.

في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، ومع انتشار عادة اختيار السيدات العملية القيصرية كوسيلة للولادة هربا من آلام الولادة الطبيعية، قالت لي إحدى المريضات التي فضلت أن تلد طبيعيا "لا أدري كيف تحرم الأم نفسها من سماع الصرخة الأولى لوليدها"، فهذا النغم الجميل هو ما انتظرته طوال 9 شهور، وربما أكثر من قبل حملها، وهي تتمنى وترجو من الله سماعه، فكيف تحرم نفسها منه؟

وإذا كان هذا رأي الطبيب المولد والوالدة في صرخة المولود، فإن ابن الرومي له رأي آخر:

لما تؤذن الدنيا به من صروفها     يكون بكاء الطفل ساعة يولد

وإلا فما يبكيه منه وإنــها           لأرحب مما كان فيه وأرغد

وهو رأي شيخ مدرك لآلام الحياة وصعابها، وإن حمل من التشاؤم الشيء الكثير.

ومع ذكرى الميلاد يتكرر السؤال: هل زاد العمر أم نقص؟ وعلى الرغم من التضاد بين الزيادة والنقصان فإن العمر يجمعهما، فباعتبار العمر سنواتك التي عشتها يكون عمرك زاد عاما، وإن اعتبرناه حياتك كلها من مولدك إلى وفاتك يكون قد نقص عاما، وكما قال الإمام علي رضي الله عنه: "إن كنت في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى".

ولا يمكن أن يمر هذا اليوم دون تذكر صاحبة الفضل نبع العطاء ورمز الوفاء أمي، فأدعو الله أن يرحمها ويغفر لها بقدر ما تعبت وشقيت وأخلصت وأحسنت، فاللهم تقبلها عندك قبول الصالحين التائبين، واجمعها بنبيك وحبيبك سيدنا محمد وآله أجمعين.

يقول علماء الفيزياء إن "لكل صوت صدى" وصوت صراخي يوم مولدي أسمع صداه صرخات المشيعين يوم وفاتي، فما أقصر الحياة!

وفي النهاية وكالمعتاد أردد مع نفسي تلك العبارة الخالدة القليلة الحروف الكثيرة الأماني الكبيرة المعاني "كل سنة وإنت طيب".

back to top