رغم التحذيرات العديدة من آثار العولمة على الدول النامية؛ كازدياد فجوة الفقر وضعف الهوية، فإن منطقتنا بحاجة إلى المزيد من الدراسات حول العولمة وربطها بالتاريخ والتحديث، والانتقال من المحلية إلى العالمية؛ لأنها حاضرة تاريخياً وسياسياً واقتصادياً في الأحداث والتطورات الدولية التي نمر بها... لعلنا نستطيع أن نجني الثمار الإيجابية للعولمة والتغيير.

Ad

عرفت العولمة باستمراريتها، فهي "حركة مستمرة" منذ أن بدأت تاريخياً، وتجددت بفعل التقدم التكنولوجي والثورة المعلوماتية في جميع الاتجاهات وعبر جميع الوسائل، وساهم ذلك في تداخل الشأن المحلي بالشأن العالمي، والصعود المستمر للقوى المؤثرة عبر الإعلام التكنولوجي من الإنتاج الإعلامي المحلي إلى الفضاء العالمي، متغلغلة في ثقافات الشعوب على نطاق واسع؛ لذلك نجد أن العولمة بأبعادها الثقافية والاقتصادية والسياسية أصبحت مؤثرة في مناطقنا بشكل غير مسبوق.

تاريخيا يرجع بعض الباحثين في مجال العلاقات الدولية انطلاق العولمة الاقتصادية إلى عام 1492، عام سقوط غرناطة، وبداية اكتشاف العالم الجديد، وصعود القوى البحرية دولياً، وتنقلها بين الموانئ التجارية، الأمر الذي انعكس إقليمياً على منطقتنا، إذ إن لمنطقة الخليج نصيباً في الحراك التجاري عبر موانئها خلال المرحلة التجارية النشطة، وعلى الأخص في القرن الثامن عشر، وفترة انتقال الكويت من قرية صغيرة إلى مدينة تحتضن مركزاً تجارياً، وتمتلك أسطولاً ملاحياً يؤثر في الرحلات الأجنبية في المنطقة ويتأثر بها، بالإضافة إلى ارتباطها عن طريق البر مع طرق تجارية مهمة جعلها منطقة عبور "ترانزيت" للبضائع والدول المختلفة، وهي مرحلة "عولمة اقتصادية" و"اتصال".

أما الفريق الآخر من باحثي العولمة فيتخذ من عام 1989 وسقوط حائط برلين، وتفكك منظومة أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي من بعدها، عاماً لرصد آثار العولمة "السياسية" والدخول في درجات من الاندماج في المجتمع الدولي، حيث بات انتهاك القوانين في مكان ما في العالم يتم الشعور به عالمياً، وهو الأمر الذي يعزز بروز آثار عولمة القوانين والقرارات.

ومن الأمثلة الحية التي لا تُنسى أحداث الكويت في عام 1990 ودور العولمة في تأسيس شبكة من التضامن الأمني، فنجد أنها فور تعرضها للغزو الصدامي الغاشم ونقلها الرسالة للعالم عبر عولمة الاتصال والقوانين والقرارات، نظمت الأمم المتحدة والولايات المتحدة من جانبها شبكة أمنية Networks دولية انضمت إليها أغلب دول العالم وأبرزها من أجل تحرير الكويت.

نستخلص مما سبق أخي القارئ أنه رغم التحذيرات العديدة من آثار العولمة على الدول النامية؛ كازدياد فجوة الفقر وضعف الهوية، فإن منطقتنا بحاجة إلى المزيد من الدراسات حول العولمة وربطها بالتاريخ والتحديث، والانتقال من المحلية إلى العالمية؛ لأنها حاضرة تاريخياً وسياسياً واقتصادياً في الأحداث والتطورات الدولية التي نمر بها... لعلنا نستطيع أن نجني الثمار الإيجابية للعولمة والتغيير.

كلمة أخيرة:

قرارات مجلس الوزراء الأخيرة لم تحمل وعوداً صعبة التنفيذ، إنما حملت لغة تنفيذية سليمة نحن في أمسّ الحاجة إليها.

وكلمة أخرى:

لاحظت عند زيارتي لأحد المقار الانتخابية أن الضيوف من خارج الدائرة يجلسون في الصفوف الأمامية والناخبين في الصفوف الخلفية! نصيحتي لهم اهتموا بالناخبين الآن واتركوا المجاملات لفترة ما بعد الانتخابات.