من المذنب ومن البريء؟!
حالة الفوضى التي بلغت ذروتها يوم الأربعاء الماضي باقتحام بعض المعتصمين لمجلس الأمة، يتحملها عدد من أطراف ليس من الإنصاف إلقاء اللوم على أحدها وتبرئة الباقين، فالحكومة التي تجاوزت كل الحدود في الآونة الأخيرة ولم تترك حتى لأكثر المتعاطفين معها مجالا مريحا للدفاع عنها لعبت دورا كبيرا في استفزاز الشعب أو لنقل جزءا كبيرا منه، فسوء الإدارة وضعف الإنجاز وعدم تطبيق القانون والتلاعب بمواد الدستور أصبحت عناوين للحكومات المتعاقبة في السنين الأخيرة، ومجلس الأمة الذي انقسم إلى قسمين متناحرين يوجه كل منهما الاتهامات للآخر، فهذا انبطاحي وذاك مؤزم وهذا "قبيض"، هبط في مستوى الحوار وارتفع في سوء الظن والتصيد والتجني، وهو مجلس يتحمل وزره ناخبون كان كل همهم وصول من ينجز المعاملات أو يدغدغ المشاعر الطائفية أو القبلية قبل أي شيء آخر، يضاف إلى كل هذا دستور جامد لم يتطور منذ 49 عاما، تعامل معه الجميع كقرآن منزّل لا يجوز تغيير حرف فيه!لذلك، من الخطأ توجيه اللوم لطرف دون الآخر، وكَيْل الاتهامات لهذه الجهة دون الأخرى، فالكل يتحمل هذا الانحدار السياسي، والكل عليه الاعتراف بخطئه والبدء بعملية الإصلاح، والتي برأيي يجب أن تبدأ بمناشدة أبوية لسمو الأمير أن يقيل الحكومة ورئيسها ويحل المجلس ليرحمنا من الاثنين، على وعد منا له بأن نقوم بواجبنا بألا نعيد نفس الوجوه إلى مجلس الأمة!
***تمنيت أن يكون الحراك الشبابي مقصورا عليهم دون أن ينحشر بعض النواب المتشنجين بينهم، وأن تكون اعتصاماتهم خالية من الصراخ والهيجان النيابي، فوجود النواب بينهم يفقدهم المصداقية بأنهم يمثلون رغبة شعبية في رحيل رئيس مجلس الوزراء ويعطي انطباعا عاما للسلطة بأنهم ليسوا سوى أتباع لأولئك النواب يأتمرون بأمرهم وينفذون أجندتهم، وهو خطأ ما كان ينبغي لهم أن يقدموا عليه لولا قلة الخبرة وافتقادهم لحسن التنظيم والقيادة.النواب مكان عملهم هو قاعة عبدالله السالم ومن أراد منهم الانضمام إلى الشارع ومزاحمة الشباب في اعتصاماتهم فعليه أن يقدم استقالته أولا لكي يصبح مواطنا عاديا حاله من حالهم، أما أن يستمر في الوجود هنا وهناك فلا تفسير لهذا الأمر سوى إدمان هؤلاء النواب لحالة النجومية التي وضعهم فيها الإعلام المرئي والمقروء، وحبهم للظهور في أي تجمع حتى إن كان لطلبة المدارس الابتدائية! يا شباب اعملوا وحدكم بعيدا عن النواب، ستكونوا وقتها أكثر تأثيرا في قرار السلطة بالتغيير الإيجابي، وجودهم بينكم يضر بعملكم ويفقدكم المصداقية، صدقوني!***أكثر ما يحيرني في هذا الوطن، أن أي مشكلة سياسية أو اجتماعية بسيطة تتحول فجأة، بقدرة قادر، وبرغبة من الطرفين السني والشيعي، إلى صراع طائفي!في كل مرة هناك من يهوى النفخ في هذه النار، وقد وجدوا في شبكات التواصل الاجتماعي أرضا خصبة لنشر الأحقاد بين الطائفتين السنية والشيعية، والمبادرة دائما تسجل باسم بعض النواب المتزمتين من الطائفتين، والذين لا همّ لهم سوى التحذير من تدخل الدول المجاورة على اليمين والشمال (عرب وعجم).هؤلاء "المحذرون" لا يعلمون مدى الدمار الذي يتسببون فيه في قلوب المواطنين نحو بعضهم بعضا، وأن الخطر سيكون "بسببهم" داخليا لا خارجيا، لأنهم هم من يجب أن نحذر من تدخلهم السافر في مشاعرنا، لا الدول المجاورة!