جيد أم محظوظ؟!

نشر في 10-06-2011
آخر تحديث 10-06-2011 | 00:01
No Image Caption
 حمد نايف العنزي لو خيرت بالطريقة التي من خلالها تكون إنسانا ناجحا، فماذا سوف تختار، أن تكون جيدا، أو تكون محظوظا؟!

أكاد أسمعك تقول: الاثنان معا!

 حسنا... الكل يريد ذلك، لكنه أمر لا يناله إلا القلة من الناس، لذلك، طلبي أن تختار واحدا منهما فقط، ولا تقلق، فسوف أساعدك في شرح كل حالة منهما على حدة، خذ عندك:

أولا:

أن تكون جيداً... ذلك يعني أنك ستصل إلى مبتغاك ومرادك بعد عشر أو عشرين أو ثلاثين سنة، تكون خلالها آلة عمل لا تهدأ ولا تتوقف عن الدوران، سوف تتعثر مرارا وتذوق مرارة الفشل مرة بعد مرة، ستظلم وتقهر وتحبط كلما رأيت من هو أقل منك جهدا وإخلاصا يعين كمسؤول عليك، يأمرك فتطيع، وينهاك فتذعن، ويوجهك فتستجيب، لكن هذا كله غير مهم، لأنك في آخر الأمر سوف تنجح وتحصل على المكانة التي تستحقها والمنصب الذي يليق بك، هذا إن مدّ الله في عمرك، ولم تهاجمك أمراض السكر والضغط والقلب مبكرا... «قول يا رب»!

ثانياً:

أن تكون محظوظاً... وذلك يعني ألا تفعل شيئا على الإطلاق، لا مجهود ولا تعب ولا همّ ولا غمّ، أن تضع رأسك وتنام بقلب مطمئن وواثق مما سوف يحدث في الغد، فمهما اعوجت الأمور، سيتكفل حظك... ويعدلها!

ونجاحك قادم لا محالة، فلن تنتظر طويلا، أو تتعب كثيرا، لأن فلانا سيتقاعد بعد شهر من بداية عملك، وعلانا سيستقيل في الشهر الذي يليه، ويموت أحدهم وينتقل الآخر، حتى ينقرض كل من سبقك في العمل من الزملاء قبل أن تتم عامك الأول، ليتم اختيارك رئيسا للقسم بحكم الأقدمية على الموظفين الجدد ممن جاؤوا بعدك بشهور!

وهم من سوف تلعن «سلسفيل» جدودهم لاحقا بقراراتك وتعميماتك الغبية، وستفرغ فيهم كل عُقد طفولتك، ثم إنك، وبما أعطيت من حظ يفلق الصخر سوف تأتي على آخرة مسؤولك المباشر ليموت فجأة، وهو الرياضي الذي صحته «زي البمب» فيتم تعيينك بديلا له، ثم تدور مسبحة الحظ من جديد لتصبح عضوا في مجلس الإدارة، ثم رئيسا، ثم وكيلا، ثم وزيرا بعد أعوام قليلة.

عز ما بعده عز، ونعيم ما بعده نعيم، لكن أحدا للأسف لا يريد أن يعترف بجدارتك ومهارتك، فالكل، ولسبب لا تعرفه، يظن أنك «تور الله في برسيمه» أو كما يقال، «مو عارف وين الله قاطك»، بل حتى أنت، تشعر باحتقار ذاتي لنفسك ولغبائك الذي يتجلى كلما التقيت نظراءك في الندوات والمؤتمرات الخارجية، والذين يعجبون من الأقدار التي أوصلتك إلى ما أنت عليه!

وأنت ناجح بفعل الحظ، لكنك تفتقد الرضا الحقيقي عن النفس، فهو غير موجود، مهما حاولت إيهام الآخرين به!

فما قولك الآن: هل تفضل أن تكون جيدا... أم محظوظا؟!

شخصيا... أختار أن أكون جيدا، فالنجاح بعد التعب والجهد والمعاناة يجعل للحياة قيمة، وللكفاح لذة، وللانتصار حلاوة لا يذوقها من ينال كل شيء على طبق من «حظ»!

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top