من ضمن الملاحظات على مجريات العملية الانتخابية الحراكُ الشبابي المتنوع، الذي شهدته وتعاملت معه بشكل مباشر. العنوان الرئيسي لذلك الحراك هو كيفية الخروج بأفضل نتائج للانتخابات من خلال صياغات إبداعية، للتأثير على قرار التصويت. ربما كان من ضمن الطروحات الرائدة والجميلة ضمن هذا الحراك إصرار المجاميع الشبابية المختلفة على مواصفات المرشح، لا على الأسماء، وتركيزها على مدى أبعدَ من مجرد التصويت، إلى التوعية السياسية العامة بطرق مختلفة. وبغض النظر عن مدى تأثير هذه الأساليب المبدعة في وجه مصالح كبرى ووسائل إعلام مهيمنة لمصلحة قوى سياسية وجماعات مصالح وأفراد أسرة حاكمة، فإن الحراك الشبابي للتأثير على الانتخابات سيكون إحدى العلامات المميزة لانتخابات ٢٠١٢. كذلك، فإن ما يميز هذا الحراك الشبابي أنه يتحرك في إطار وطني عام، ويتميز بقدر عال من الالتزام والمعرفة، ومع أن تأثير هذا الحراك على الحياة السياسية عموماً خارج الإطار الانتخابي مازال من الصعب التكهن به، إلا أنه بات ضرورياً توفير كل وسائل الدعم المجتمعية لأولئك الشباب والشابات، فحركتهم الحرة المبدعة هي التي ستضع لبنات وأسس مستقبل العملية السياسية للمجتمع، وما يثير الانتباه هو أنها في الأغلب الأعم مجاميع لم تخرج بشكل مباشر من تحت عباءة التنظيمات السياسية التي تحتاج إلى إعادة النظر في أسلوب عملها، بدلاً من الاستمرار في اجترار نفس السبل والوسائل التقليدية. وبما أنه سيكون لنا مجلس جديد في الثالث من فبراير، ومهما كانت أهمية نتائج الانتخابات ونوعية النواب الجدد، فإن الأهم هو قدرة هؤلاء الشباب على الاستمرار في مراقبة ومتابعة أداء النواب، وعدم تركهم كعادة الأشياء ليتصرفوا كما يشاؤون، ويصوتوا في أي اتجاه دون حسيب أو رقيب. فإن كان هناك أمل في إيجاد هذا النوع من الرقابة والمتابعة ومساندة النائب أو النائبة المجيدَين في أدائهما فإننا مقبلون على بذور توازن وعقلانية سياسية في حدود السنوات القليلة المقبلة، والتي قد نشهد تحسناً في إطارها. إن الأمر المهم هنا هو عدم التدخل في ذلك الحراك الشبابي وعدم تجييره لأي من التنظيمات السياسية أو المرشحين، لكي يصبحوا مجرد مفاتيح انتخابية، وهي عملية مرتبطة فقط بالانتخابات، ولا تتعامل مع البناء السياسي، كما أنه بات مطلوباً الابتعاد عن الدعوات للسيطرة المركزية، بل علينا أن ندع مئة زهرة تتفتح بدلاً من النمط التقليدي الدافع إلى توحيد الجهود ومن ثم تخريبها وتشتيتها. إن ما نراه اليوم هو نتاج لحراك شبابي متناثر بدأ يظهر منذ ما يزيد على ٣ سنوات، وربما أنه قد بدأ ينضج في المرحلة الراهنة، أملاً في أن يثمر في المقبل من الأيام، ولعل انتخاباتنا الحالية تكون بمنزلة المختبر لهذه التحولات الإيجابية، حيث يبدو أن الحكومة المترهلة والنخبة السياسية التائهة مازالتا عازمتين على تكرار نفس النمط الذي قادنا من فشل إلى فشل، ومازال التفكير يدور في حدود تعديل هنا أو تعديل نص هناك.
أخر كلام
بوادر إيجابية
09-01-2012