في إحدى الديوانيات سألني أحد الحضور عن رأيي في وجوب عرض التشكيل الحكومي على مجلس الأمة لأخذ الثقة، وهل هذا الإجراء في حال الموافقة عليه سيسهم في استقرار البلد وتسهيل عملية التعاون بين السلطتين؟ فقلت إن هذا الاقتراح يصلح للدول التي تمارس العمل السياسي عبر أحزاب سياسية قائمة ينظمها قانون، وتشكل فيها الحكومات من الأحزاب ذات الغالبية، وبالتالي فإن الحكومة تأتي البرلمان وهي شبه ضامنة الموافقة عليها، أما في الوضع الحالي عندنا فالأمر مختلف، والموافقة على هذا الاقتراح ستكون كارثة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وستعرض الحكومة ورئيسها لابتزاز من كل الأعضاء، وستحاول كل مجموعة ولو كانت صغيرة لا يتعدى أفرادها الاثنين أو الثلاثة ممارسة فرض أحد المحسوبين عليها لاستلام حقيبة من حقائب الوزارة، وستفرض أسماء محددة على التشكيل دون النظر إلى كفاءتها، وستطول مدة تشكيل الحكومة للتفاوض مع كل عضو من أعضاء المجلس، وستكون المحاصصة في أبشع صورها هي الأساس الوحيد الذي تبنى عليه الحكومة، وهو السبب في إفشال كل الحكومات السابقة وإضعافها أمام البرلمان. إن الطريقة الحالية التي تعتمد على الاكتفاء بأخذ ثقة صاحب السمو أمير البلاد على التشكيل الحكومي هي الأنسب لوضعنا الحالي، وللمجلس استجواب كل من يظهر عجزه أو إهماله وتقصيره في أداء مهمته من الوزراء، كما أن المجلس يستطيع إعلان عدم التعاون مع رئيس الحكومة ورفع الأمر لصاحب السمو وبهذا نضمن الرقابة الكاملة للمجلس على أداء الحكومة وكفاءة رئيسها.  *** نسمع كثيراً هذه الأيام مقولة إن المجلس عديم الفائدة، وإنه سبب مشاكل البلد، وبالتالي فإن مقاطعة الانتخابات خير من المشاركة فيها، وهذا أمر خطير جداً، لأن الانتخابات هي الفرصة الأكبر لإصلاح البلاد، والقضاء على الفساد، وتحقيق طموحات المواطنين، وبها نستطيع اختيار الأصلح، وكل تقاعس عن أداء هذا الواجب سيعني بالضرورة وصول الأسوأ، واستمرار الفساد، والمهاترات والالتفاف حول إعادة بناء البلد على أصول العدل والمساواة، والفضيلة. لذلك أقترح على كل مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام أن تنظم حملات لنشر الوعي بين الناس وحثهم على ممارسة حقهم في اختيار ممثليهم، كما أناشد العلماء والمشايخ إصدار الفتاوى بوجوب التوجه إلى صناديق الاقتراع واختيار الأفضل، فهذه الانتخابات مفصلية لا يجوز التكاسل فيها.
Ad