أيهما أهم سكراب الكهرباء أم سكراب النواب؟
يسأل الكاتب زايد الزيد في مقال له بجريدة «الآن» الإلكترونية: «لماذا وحدها فضيحة الأرصدة المالية المتراكمة لدى نواب تتحمس لها قوى الفساد وأصحاب المصالح ويتركون قضايا الفساد الأخرى الأكثر وضوحاً والأوفر أدلة مثل فضيحة سكراب الطوارئ؟!». تساؤل زايد في مكانه ونتساءل معه حائرين في الوقت ذاته عن حقيقة ازدواجية معايير الحماس «الإعلامي» لـ«قوى الفساد وأصحاب المصالح» (تعبير زايد)!. ويمكن أن نضيف أيضاً تساؤلاً آخر، عن معنى اللا اكتراث واللامبالاة الحكوميين في معظم قضايا الفساد المالي، إن لم تكن الحكومة تعمل جاهدة على طمسها أو التقليل من أهميتها؟ هل يعني مثل هذا الخطاب للزميل زايد أن قضية الأرصدة المالية المليونية التي تفجرت فجأة لا تستحق أن يسلط عليها الضوء الإعلامي الكويتي لأن هناك قضايا فساد أكبر لـ»أصحاب المصالح» و»أوفر أدلة» صمَت عنها إعلام أصحاب المصالح، وجرى التعتيم عليها بسبق إصرار، بل إن هناك حظراً ومنعاً من النشر لاعتبارات سلطة وقوة رأس المال المهيمنة على معظم وسائل الإعلام الخاصة، فهي تضج بالصراخ والعويل عن المال العام وتبديد الثروات المستقبلية للدولة على الكوادر والزيادات المالية وكل رشاوى السلطة لتخدير الوعي الشعبي، وتسكت و»تصهين» وسائل الإعلام هذه «لقوى الفساد والمصالح» حين تقترب الفضائح منها، وهي «فضائح» مسكوت عنها قسراً إلا في همس منتديات الأصدقاء وجلسات «الحش الدواويني»!.
لي ملاحظة أخرى على تساؤل الزميل زايد، وهي: إذا كانت الفضائح الأخرى المسكوت عنها «أوفر أدلة» من قضية تفجر فجائي مليوني في أرصدة بعض النواب، فهل كان من واجب البنك الوطني وكبار ملاك أسهمه، على سبيل المثال، أن يصمتوا ولا يتقدموا ببلاغ إلى النيابة العامة، لأن هناك فضائح «أوفر أدلة» غيرها! مثل هذا الكلام لزايد يذكرني بمقال قديم كتبه الدكتور إسماعيل الشطي منذ زمن طويل ـ الله يذكره بالخيرـ في قضية ناقلات النفط، فحواه أن هناك جرائم وفضائح كبرى لم يتم تسليط الضوء عليها، والمسألة ـ حسبما أذكر من مقاله – لا تقتصر على تهم الناقلات!جرائم الفساد لوزراء أو نواب أو مسؤولين كبار تتحد في موضوع «انتقائية» الفضح والنشر والتحريض الإعلامي في بعضها دون البعض الآخر، ووفق المصالح المادية للمرتكبين، ولا أعلم في مثل زمننا الأغبر كم فرداً منا لم تصبه جرثومة الفساد، التي تم خلقها وتطويرها، كما ذكرتُ من قبل، في مختبرات السلطة! إلا أن الحد الأدنى الذي يجب أن يتفق عليه هو أن السكوت عن جريمةٍ ما لا يبرر الصمت عن جرائم أخرى، أو بكلام آخر فإن عدم نشر بعض فضائح الفساد والصمت عنها لا يبرران «حماسة» نشر فضائح غيرها، لأن أبطالها من غير جماعتنا، ولنتحسس كلنا «البطحات» التي على رؤوسنا، ولنفضحها متى أمكننا ذلك، ونصمت عنها بألمٍ حين تمارس سلطة رأس المال سلطانها ونفوذها، ولنُعَزِّ النفس بعبارات مثل: لا حول ولا قوة إلا بالله، و«هذا سيفوه وهذه خلاجينه»...