تشكيل جبهة عريضة للمعارضة السياسية، والموجهة ضد الحكومة برئيس وزرائها بشكل مباشر، تعتبر قفزة مهمة إلى الأمام في تطور العمل الديمقراطي وتفعيل وسائلها الميدانية، بغض النظر عن خيارات الدخول في مثل هذه الجبهة أو انتقادها كحراك سياسي جديد.

Ad

ولم يشهد التاريخ السياسي هكذا تجربة باستثناء حركة "نواب 85" التي اتفقت على عنوان رئيس وعام هو عودة الديمقراطية كقضية مبدئية وفي ظل تعليق العمل بالدستور وتعطيل مجلس الأمة، ولكن جبهة المعارضة الجديدة رسمت أهدافها وخارطة طريقها بشكل معلن ومحدد في مواجهة حكومة وفي إطار النظام الدستوري.

وأيضاً تحت عنوان رئيس يحمل شعار حكومة جديدة ومنهج جديد ورئيس جديد، وما يميز هذا التحرك البداية القوية التي تنطلق من 20 نائباً يمثلون مشارب سياسية متنوعة على مستوى قوى وطنية وشخصات مستقلة ودوائر انتخابية متعددة ومتفاوتة في الأولويات وبدعم شعبي واسع ومتنوع أيضاً.

ومن جانب آخر، فإنه وبحسب ما أُعلن وتم الاتفاق عليه في الاجتماعات الأولى للمعارضة الجديدة فإنها ستتضامن في مقابل التضامن الحكومي خصوصاً في الاستجوابات القادمة بغض النظر عن انتماءات الوزراء، وتحميلهم المسؤولية السياسية الكاملة عن السياسة العامة للحكومة مجتمعة، وهذا التوجه يعتبر منعطفاً سياسياً جديداً في عمل المعارضة التي ظلت منذ العمل بالدستور حبيسة الثقافة الكويتية التقليدية، حيث تتفق على موضوع معين، وسرعان ما تنفرط بعده، وحتى الاستجوابات كانت في معظم الأحيان تقيم بالدرجة الأولى تبعاً للتصنيف السياسي لكل وزير على حدة ودرجة محسوبيته على تيار أو تكتل برلماني معين دون النظر بكل مجرد عن مادة الاستجواب ومضمونه.

وهذا المسار سيوازي مسار التضامن الوزاري ليس وفق معايير الحكومة ولكن البرلماني أيضاً، فالوزير بحسب الدستور رجل دولة وشريك رسمي في جميع المواقف التي تتخذها الحكومة، وما يتبع ذلك من نتائج، وتزداد صلابة التضامن الحكومي عند الاستجوابات، حيث يقف الوزراء ضد أي مساءلة لزميل لهم حتى قبل المرافعة والنقاش، ولكن في الوقت نفسه وأمام المجلس يحاول الوزراء إقناع النواب للتعامل معهم كأفراد، وقد يتنصلون أو يتبرؤون من بقية زملائهم وحتى رئيسهم كطوق نجاة لهم!

وفي قضية الإيداعات المليونية التزم جميع الوزراء الصمت، وكأن الأمر لا يعنيهم، بل اشترك المعنيون منهم في التغطية على المعلومات الخاصة بهذا الملف، ولم يكلفوا أنفسهم عناء الرد على الأسئلة البرلمانية الموجهة إليهم مباشرة بهذا الخصوص، وحتى بعضهم الذي بدأ متحمساً ومحتجاً بعض الشيء سرعان ما واراهم الصمت!

وتظل الكرة في ملعب كتلة المعارضة الجديدة، وأمامها تحد كبير في مواصلة العناوين المهمة التي رسمتها حول حالة الفساد غير المسبوقة في الدولة والسياسة العامة للحكومة دون أن تخترق من جديد نتيجة مصالح ضيقة وأولويات ذات أجندات خاصة قد تفرط هذه المسيرة التي يجب أن تبقى وطنية وجامعة لفترة طويلة قادمة!