نقرأ في عناوين فيلم «تك تك بوم» أنه فكرة إسعاد يونس (منتجته)، لكنك تبحث عن أي فكرة فيه فلا تجد! ونقرأ أنه سيناريو وحوار محمد سعد (بطله) وإخراج أشرف فايق، لكن عبثاً تحاول أن تجد سيناريو أو حواراً أو إخراجاً، فلا تعثر على أي شيء من ذلك!

Ad

الفيلم نموذج للعمل المفتقد الى أي فكرة وأي عناصر أساسية تكون من خلالها الأفلام أفلاماً. الممثلة التونسية الموهوبة درّة، التي لفتت نظرنا منذ أفلامها الأولى في مصر (الحب كده، الأولة في الغرام...)، تتحوّل في هذا الفيلم إلى مجرد «سنيد» لسعد، بأداء باهت خالٍ من توجيه أو ملامح شخصية يرسمها سيناريو ويحييها أداء ممثل.

يبدأ الفيلم بمشهد لرجل في حيّ شعبي، يجلس في محلّه مستغرقاً في صنع ذلك «البمب» الذي يباع للأطفال، في مثل تلك الأحياء في شهر رمضان والأعياد خصوصاً، فجأة تحدث مشكلة و{يفرقع البمب»، فتتحوّل ثياب الرجل إلى ملابس داخلية، يحترق الجزء العلوي منها ويتمزّق ليصبح على هيئة رثة قبيحة، ويتصوّر أصحاب الفيلم، بسذاجة، أن هذا المظهر يجعل من البطل نموذجاً مميزاً أو جالباً للضحك على الأقل لدى الأطفال، فيحافظ على الظهور بهذا الشكل الممزّق والقبيح في مشاهد متتابعة من دون ضرورة غير التصوّر الساذج.

وإذا كانت ثمة أفكار أو «فكرة» في هذا الفيلم، فهي أن «البمب» الذي يحترف الرجل صنعه، يحدث صوتاً مثل (تك تك... بوم)، لذلك أطلق على الفيلم هذا العنوان الغريب، وعلى البطل اسماً أغرب (تيكا)! اللافت أن صناعه لا يرون ذلك كلّه بعيداً عن الموضوع الذي يتصوّرون، أو يتخيلون، أنهم يعرضونه، وهو ثورة 25 يناير 2011 عام إنتاج الفيلم وعرضه بعد سبعة أشهر من اندلاعها، فللثورة في مخيّلتهم علاقة بالحرب و{البمب» والصوت الذي يحدثه!

فهل ثمة فكرة، للسيدة إسعاد المنتجة «المفكرة» والسيد سعد كاتب السيناريو والحوار، أعمق أو أدقّ من تلك «الفكرة» المدهشة؟!

«سعد» الكاتب ونجم الفيلم، في حيرة من أمره منذ زمن، بعدما انصرف عنه جمهوره الذي منحه الإقبال والملايين إزاء فيلمه الأول كبطل «اللمبي»، فحاول أن يقامر مراراً بتقديم أنماط تختلف عن شخصية اللمبي وسلوكه وطريقة «التطجين» في الكلام التي تجعل بينه وبين الشخص المتخلّف شعرة.

ربما لم ينجح سعد في الابتعاد وتقديم نموذج مختلف إلا في فيلمه الثاني «اللي بالي بالك» الذي قدّمه نموذجاً لضابط شرطة شرس أجوف ينطق بطريقة كاريكاتورية، وحينما فقد الجمهور الذي أقبل عليه في فيلمه الأول، عاد إلى شخصية «اللمبي»، لكنه فشل فشلاً كاملاً، وها هو يعود في شخصية «تيكا» ليقترب بحذر من طريقة نطق «اللمبي» لكن من دون أن يقع فيها تماماً.

ولعلّ «الفكرة» التي نصحته بها المنتجة (ممثلة قديمة معروفة أيضاً)، أن يستعين في فيلمه الجديد بشخصية ضابط الشرطة الشرس والأجوف التي جسّدها في فيلمه الثاني ولقيت قبولاً، ولمَ لا؟ ألسنا نتحدّث عن «ثورة»... وضباط الشرطة طرف فيها؟ بل «عيدهم» هو اليوم الذي اختاره الثوار ليفجّروا فيه هبّتهم الكبرى تعبيراً عن احتجاج هائل على القمع وامتهان الآدمية، اللذين دأبت عليهما تلك الشرطة على امتداد عقود حكم مبارك الثلاثة، الذي خلعته الثورة في النهاية ولقّنت أجهزة قمعه درساً قاسياً.

لكننا لا نجد في الفيلم عنصراً حقيقياً واحداً عن الثورة!

يحدث أمر غامض غريب كأنه «حرب»... يشيرون به إلى ثورة يناير! ويحدث أمر أعجب يشبه «اللجان الشعبية» التي حمى بها المواطنون بيوتهم، بعدما أطلق النظام المساجين من الزنازين و{البلطجية» المأجورين من جهاز الشرطة، بل ويجعل الفيلم من بطله «تيكا»،الأقرب إلى البلاهة، زعيماً أو قائداً للجنة الشعبية في الحي، مع أنه لم تكن ثمة زعامة أو قيادة للجان الشعبية في الأحياء!

إنها أمور أرادوا بها أن يشبه الفيلم «الثورة»، أو «اللجان الثورية»، أو «شرطة الداخلية والسجون» أو «البلطجية»... لكن لا شيء إطلاقاً، مما قدّمه الفيلم، له علاقة بالأصل والحقيقة، ولا بأي درجة من الدرجات.

كأن صناع «تك تك بوم»، كانوا يحيون في وادٍ أو كوكب آخر، ليس له علاقة بثورة يناير، الحدث الشعبي الأضخم والأعظم منذ عقود، فالمسألة مع السيدة إسعاد والسيد سعد ليست موقف الفيلم... مع أو ضد الثورة وكيف يراها أو يحلّلها، ينصفها أو يتحامل عليها. لا شيء من ذلك أبداً.

إنه مجرد أضغاث وخلط لشركة منتجة أو هذيان يثير الغثيان، وهلوسات نجم!