حان وقت المعالجة العسكرية!
ستضطر الدول المجاورة لسورية وأيضاً المتاخمة لها، إذا بقيت دوامة تقتيل الشعب السوري وتشريده متصاعدة بكل هذا العنف وأكثر، إلى التدخل حتى بالقوة العسكرية سواء بغطاء عربي أو دولي، إذ إنه لا يمكن تحمل أن تشتعل نيران الحرب الأهلية في هذا البلد، وأن يتشظى ويتمزق، وأن يتحول على غرار أفغانستان والعراق واليمن إلى بؤرة إرهابية.هناك موجبات الأخلاق والدين والأخوة العربية تجعل من غير الممكن أن تبقى هذه الدول المجاورة المتاخمة تتفرج على هذا البلد العربي ونظامه يحرقه ويفعل بأهله ما لا يفعله الأعداء بأعدائهم، فالصمت لم يعد ممكناً، واستجداء بشار الأسد كي يرأف بشعبه وبلده غدا ليس مجدياً بل معيب بعد كل هذه المذابح المتنقلة في المدن السورية من حمص إلى إدلب إلى الزبداني إلى معرة النعمان إلى درعا وإلى دمشق نفسها.
وهناك إضافة إلى العوامل الأخلاقية والدينية والأخوة العربية وعامل الجوار مسائل مهمة جداً في مقدمتها أن هذا الذي يجري في سورية، والذي يزداد خطورة يوماً بعد يوم تحت وطأة كل هذا العنف الأهوج الذي يمارسه النظام، يهدد أمن الدول المجاورة والمتاخمة كلها، وكل هذا إضافة إلى أن هذه الدول، المجاورة تحديداً، ستتحمل وزر نزوح ولجوء بشري قد يصل إلى مئات الألوف وربما إلى الملايين.ليس بإمكان دولة كالأردن، بقيت تستقبل قوافل من النازحين في موجات متلاحقة منذ نهايات ثمانينيات القرن الماضي، أن تتحمل بإمكاناتها المتواضعة وشح المياه فيها نزوح مليون سوري شقيق، مع أنها لن ترفض هؤلاء ولن تصدهم في كل الحالات، وهذا يدفعها دفعاً إلى أن تكون مع أي معاجلة لردع هذا النظام الممعن في قتل شعب كان بدأ انتفاضة شعبية مطالبها متواضعة ومحقة، ووضع حد لكل المجازر التي يرتكبها بشار الأسد، والتي إن هو لم يُردع عنها فستتحول سورية إلى ما عليه أفغانستان والعراق وربما أكثر بألف مرة.كانت حجة حافظ الأسد عندما أرسل قواته إلى لبنان، وهذا قبل أن تتحول إلى "قوات ردع عربية"! أن نحو ربع مليون من اللبنانيين قد نزحوا من بلدهم تحت ضغط العنف المتصاعد، وأصبحوا لاجئين في سورية، وأن بلده لا يستطيع أن يتحمل أن يتضاعف هذا العدد ليصل إلى المليون وأكثر، وهذه أيضاً كانت حجة الهند عندما شنت تلك الحرب المدمرة على باكستان في بدايات سبعينيات القرن الماضي، إذ إن مبررها كان أنها لا تستطيع تحمل سبعة ملايين بنغالي ينزحون إليها تحت ضغط الاقتتال الذي تفجر بين ما كان يسمى باكستان الغربية وباكستان الشرقية.