صورة لها تاريخ
ولد على أرض الكويت العديد من الشخصيات التي أثرت في التاريخ الكويتي بمساهماتها المبدعة وعطائها المتميز، بعضها استطعنا أن نرصد حياته بشيء من التفصيل، وبعضها الآخر مازلنا نبحث عن تفاصيل حياته، وبعضها اختاره الله إلى جواره منذ فترة طويلة، وبعضها مازال يعيش بيننا دون أن نعرف الكثير من إسهاماته القيمة.من هذا المنطلق، اخترت للقراء الكرام صورة اليوم، التي التقطت في الستينيات (كما أعتقد)، وهي لشخصيتين كويتيتين متميزتين هما المرحوم أحمد السيد عمر عاصم الحَسَني، والعم أحمد محبوب العامر، أطال الله في عمره.
ولد أحمد السيد عمر في حي الوسط عام 1919 في منزل والده، رحمه الله، بالقرب من منزل المرحوم صالح الرجيب ومنزل المرحوم صالح العتيقي، ودرس في المدرسة المباركية، وكان ناظرها آنذاك والده المرحوم سيد عمر عاصم، وكان الطلبة وقتها يجلسون على الأرض لعدم وجود مقاعد، استمر المرحوم أحمد في تلقي العلم في المدرسة المباركية من الصف الأول إلى الصف الخامس، إذ كانت الدراسة في المدرسة المباركية بدائية، فلا يوجد كتب ولا دفاتر، وكان جرس المدرسة عبارة عن «تانكي» يقوم محمد بن سيار، رحمه الله، بالضرب عليه بعصا لتجميع الطلبة في طابور الصباح، وعند الانصراف في نهاية الدوام.درس كذلك في المدرسة الأحمدية، وكان ناظرها المرحوم عبدالملك الصالح، وأحب اللغة الإنكليزية وبرع فيها، وطور نفسه بدراستها في المستشفى الأمريكاني الذي كان يعطي دروساً لتعلم الإنكليزية، بدأ حياته المهنية بتدريس اللغة الإنكليزية عام 1931، لكنه سافر إلى مدينة الزبير بالعراق بعد سنة لإكمال دراسته في إحدى مدارسها التي تدرس الإنكليزية، وكان متفوقاً على زملائه الطلبة. ثم انتقل بعد أربع سنوات إلى مدينة «العشار» وأمضى بها سنتين في المرحلة الثانوية، وتم اعتقاله في العراق على خلفية ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1939، ضمن مجموعة من الطلبة، وقضى مدة خمسة أشهر في السجن، ثم أطلق سراحه وعاد دون أن يحقق طموحه الدراسي، وبعد عودته إلى الكويت عمل في مكتب التاجر سلطان السالم، رحمه الله، بتنظيم الحسابات.وفي عام 1942 عين في دائرة المالية وتدرج في الوظيفة، حتى أصبح مساعداً لمديرها المرحوم أحمد عبداللطيف بوحمدي في عام 1961، وكان مختصاً في شؤون النفط، وهو أحد مؤسسي شركة البترول الوطنية وأول رئيس لمجلس إدارتها، ويذكره الناس بالطيبة والأخلاق الرفيعة والإخلاص بالعمل، وهو علاوة على كل ذلك شاعر ذو إحساس مرهف، وله العديد من القصائد الفصحى الجميلة التي وثقت في ديوان مطبوع.أما الشخصية الثانية فهو العم أحمد محبوب العامر، أطال الله في عمره، وهو يبلغ من العمر الثمانين تقريباً، برع في الرسم وتميز في رسم الكاريكاتير الصحافي، وكان ينشر رسوماته في صحيفته «الوطن» التي حصل على ترخيصها اليومي من الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، عندما كان وزيراً للإرشاد والأنباء في بداية الستينيات.وكان العم أحمد العامر جريئاً في طرحه وموضوعاته في صحيفته التي كانت أسبوعية، ولذلك كانت «الوطن» تتعرض لوقف إصدارها بين الفترة والأخرى، إلى أن باعها للتاجر مساعد الصالح الذي عين ابنه محمد رئيساً لتحريرها، والعم أحمد كان سكرتيراً للشيخ فهد السالم المبارك الصباح في خمسينيات القرن الماضي، وهو من المهتمين بالتراث الكويتي، وكان صديقاً مقرباً من الشاعر عبدالله بن سعد اللوغاني.