أول العمود:

Ad

لماذا لم تبادر الحكومة بتعيين كويتيات في السلك القضائي؟ ولماذا تحركت بعد صدور توصية بذلك من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة؟... كان من واجب وزراء العدل طرح هذا الموضوع منذ زمن في مجلس الوزراء، وعلى الأقل من باب أن تجميده مخالف للدستور.

***

بادر عدد من كتاب الأعمدة والبرلمانيين بالتعليق على "مبادرة الإصلاح" التي ينوي عدد من أعضاء المجلس الأفاضل إطلاقها لتصب باتجاه "ترشيد" العمل النيابي والحكومي، وصولاً إلى تنقية العلاقة بين الحكومة والمجلس. والحقيقة أن جزءاً من التفاعل مع هذه الرغبة يأتي لكون أسماء مقدميها محل ثقة قطاع معتبر من الرأي العام الكويتي، وربما ساهمت تلك التعليقات في أن تكون جزءاً من المبادرة، لأنها في النهاية تعبر عن رأي الناس في أداء السلطتين.

وفي رأيي المتواضع أن منطوق "المبادرين" ينم عن حزن لما آلت إليه الحالة السياسية وهو حزن مطلوب، لكن من الصعب ترجمته إلى صيغة تجذب بقية الأعضاء والكتل إلى ما يهدفون إليه، لأنها ببساطة تعبر عن "آمالهم ورؤيتهم"، وهي رؤية ذات اعتبار دون شك، لكن يبقى أن لبقية الأعضاء رؤى و"حسابات".

وبعيداً عن التشاؤم، نرى أن الحديث عن أي مبادرة من هذا النوع يتطلب إخراجها من أسوار المجلس قليلاً، إذ إن المسألة باتت تتعلق بمبدأ احتكامنا إلى الدستور في كل المسائل وتطبيق القوانين والكف عن تشريع الرديء منها، كما حدث في الآونة الأخيرة، وهذا الكلام يعني أن الحكومة والمجلس و(الشعب ببعض ضغوطه)... كلهم مجتمعون.

ما المطلوب إذن؟ الحل بيد الأطراف الثلاثة، إذ إن (العملية السياسية) التي تعمل في أجوائها السلطتان والمواطنون تحتاج إلى تغيير باتجاه تشريع للعمل الحزبي لتعميم نظام الكتل داخل المجلس لتتعامل معه الحكومة في مسألة التشكيل الوزاري، ومن واجب القوى الشبابية أن تضغط في هذا الاتجاه، إضافة إلى تسريع إنجاز المقترحات المتعلقة بالدائرة الانتخابية الواحدة. وهاتان الأداتان ستساهمان في ترشيد نوعية الأعضاء الذين سيمثلون الناس في البرلمان.

الموضوع الآخر الذي لا يزال العنصر الرئيسي في التأزيم السياسي هو تعاملنا مع الثروة المالية التي لا نجد جدية كبيرة في الاهتمام بها، وبما أن زمن الأخلاقيات قد ولى وراح، فيجب البحث عن زمن القانون الذي يخنع له الجميع، فهناك مقترحات تنتظر البت فيها، مثل قانون مكافحة الفساد والذمة المالية وشروط تعيين القيادات في الدولة والكوادر الوظيفية ووقف بنود الصرف المالي لأهداف سياسية وعلى رأسها العلاج في الخارج.

وعلى الصعيد الأهلي، فإن المجتمع المدني الكويتي تأخر كثيراً، ومن دون مبرر رغم وضعه السياسي الفريد في المنطقة في بناء شبكات أهلية للرصد السياسي للعلاقة بين المجلس والحكومة، وتوعية الرأي العام بأدائهما من خلال التحليلات والإحصاءات، وعدم ترك ذاكرة الناس عرضة للنسيان حتى حلول موعد التصويت في الصناديق.

وإذا كانت المبادرة تريد أن تحصر نفسها داخل المجلس وبين الأعضاء الحاليين فدونها جدول الأولويات الذي توافق عليه معظم الأعضاء في ديسمبر الماضي، ولم ينجز منه سوى 4 مواضيع من أصل 45 فقط.

مهمة "المبادرين" صعبة، لكنها ليست مستحيلة، وإن فشلت فستكون قد حققت أجراً واحداً عند الله، وهو تذكير المواطنين بأفعالهم في صناديق الانتخاب، واختيارهم نوعية من النواب استطاعت الحكومة أن تستميل غالبية مريحة منهم للخروج من أزماتها.

نجاح المبادرة هو في أن تنجز السلطتان، وبضغط من الشعب، القوانين التي تساهم في تطوير العملية السياسية، والحفاظ على الثروة المالية، والاهتمام الجدي بموضوع الحريات... هذا هو الصراع الحقيقي كما أراه في الكويت.