هيئة التطبيقي... تئن
إن استمرار الوضع غير الطبيعي الحالي «للهيئة»، خصوصا الزيادة غير الطبيعية في أعداد الطلبة والمتدربين، والنقص الحاد في الإمكانات البشرية والمادية، وانعدام الربط بين المخرجات وسوق العمل هي عبارة عن هدر هائل في موارد الدولة البشرية والمادية. فهل نرى ذلك قريبا أم أن وضع «الهيئة» سيبقى على «طمام المرحوم»؟!في مقال سابق تطرقنا إلى بعض المشاكل التي تعانيها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ثم اقترحنا أن تتولى جهة أكاديمية محايدة تقييم الأداء العام "للهيئة" من أجل تحديد مدى تحقيقها للأهداف التي أنشئت من أجلها في بداية ثمانينيات القرن المنقضي، بيد أن ذلك لم يحصل مع الأسف الشديد.
إذ إن الحديث منصب في أوساط "الهيئة" منذ فترة ليست بالقصيرة على جزئية فصل قطاع التعليم التطبيقي عن قطاع التدريب الذي لا شك أنه أمر مستحق، غير أن فائدته ستكون ضئيلة جدا ما لم يسبقه عملية تقييم شامل "للهيئة" ككل، فالخوف، كل الخوف، هو أن تؤخذ عملية "الفصل" وكأنها هي الحل السحري لمشاكل "الهيئة" التي تتضخم عاما بعد آخر من دون أن يكون هنالك سياسة حكومية جادة لحلها. وكما هي الحال في جامعة الكويت، إن لم يكن أسوأ، فإن الضغوط الحكومية تزداد على "الهيئة" مع بداية كل فصل دراسي من أجل قبول الأعداد المتزايدة سنويا من خريجي الثانوية العامة الذين لا يجدون لهم مكانا في الجامعة؛ بغض النظر عن الإمكانات الأكاديمية والإدارية والفنية "للهيئة"، وبصرف النظر عن طاقتها الاستيعابية (أغلب كليات الهيئة لا تزال في مباني مؤقته عبارة عن مدارس قديمة وبعضها الآخر لا يزال يستخدم فصول "الكيربي" المتهالكة وأعتقد أن عدد طلبة الهيئة الآن يقارب الخمسين ألفا ما بين متدربين وطلبة)، وهو الأمر الذي أدى إلى تكدس الطلبة في كليات الهيئة، وأثر بالتالي في جودة التعليم التطبيقي والتدريب الذي يحصلون عليه.زد على ذلك عدم وجود رابط بين مخرجات "الهيئة" واحتياجات "التنمية"؛ مما أدى إلى زيادة أعداد المعطلين عن العمل مع أنه من المفروض أن تكون الفرص الوظيفية لخريجي "الهيئة" متوافرة في السوق المحلي؛ كونهم يمثلون الفئات الفنية والتقنية الوسطى التي عادة ما يحتاجها قطاع الأعمال، وبالذات القطاعات المالية والمصرفية والإنشائية والحرفية.لهذا فإننا نأمل، مرة أخرى، أن تتوقف الضغوط السياسية على "الهيئة" الرامية إلى زيادة أعداد المقبولين في العام الدراسي القادم الذين نشك في أنهم سيحصلون على تعليم وتدريب متميز في ظل نقص الإمكانات البشرية والمادية الحالية للهيئة، فضلا عن عدم قبول سوق العمل لهم بعد التخرج على أن يتم البحث لخريجي الثانوية عن بدائل تعليمية أخرى، ويكون هناك، بعدئذ، وقفة حكومية جادة لتقييم الأداء العام للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من أجل معرفة مدى تحقيقها للأهداف العامة التي أنشئت من أجلها قبل ثلاثة عقود.لأن استمرار الوضع غير الطبيعي الحالي "للهيئة"، خصوصا الزيادة غير الطبيعية في أعداد الطلبة والمتدربين، والنقص الحاد في الإمكانات البشرية والمادية، وانعدام الربط بين المخرجات وسوق العمل هي عبارة عن هدر هائل في موارد الدولة البشرية والمادية. فهل نرى ذلك قريبا أم أن وضع "الهيئة" سيبقى على "طمام المرحوم"؟!